فاستخلف عليه يحيى بن عبد الرحمن بن خاقان، ابن عمِّه، ومكث موسى بن عبد الملك والحسن بن مخلد على ذلك يطالبهما المتوكل بالأموال التي ضمناها من قبل نجاح؛ فما أتى على ذلك إلا يسيرًا حتى ركب موسى بن عبد الملك يشيِّع المنتصر من الجعفريّ، وهو يريد سامراء إلى منزله الذي ينزله بالجوْسق؛ فبلغه معه ساعة، ثم انصرف راجعًا، فبينا وهو يسير إذ صاح بمن معه: خذوني، فبدروه فسقط على أيديهم مفلوجًا، فحمل إلى منزله، فمكث يومه وليلته، ثم توفِّيَ، فصيِّر على ديوان الخراج أيضًا عبيد الله بن يحيى بن خاقان، استخلف عليه أحمد بن إسرائيل كاتب المعتزّ؛ وكان أيضًا خليفته على كتابة المعتز فقال القصَّافيَّ:
غدا على نِعَمِ الأحرارِ يَسلبُها ... فراحَ وهْو سَليبُ المال والبدنِ
وفيها ضرب بَخْتيِشوع المتطبِّب مائة وخمسين مقرعة، وأثقِل بالحديد، وحبِس في المطبق في رجب.
* * *
[[غارة الروم على سميساط]]
وفيها أغارت الروم على سُمْيساط، فقتلوا وسبوا نحوًا من خمسمائة.
وغزا عليَّ بن يحيى الأرمنيَّ الصائفة ومنع أهل لؤلؤة رئيسهم من الصعود إليها ثلاثين يومًا، فبعث ملك الروم إليهم بِطْريقًا يضمن لكلِّ رجل منهم ألف دينار، على أن يسلموا إليه لؤلؤة، فأصعدوا إليهم ثم أعطوا أرزاقهم الفائتة وما أرادوا، فسلَّموا لؤلؤة والبطريق إلى بَلْكاجُور في ذي الحجة؛ وكان البطريق الذي كان صاحب الروم وجهَّه إليهم يقال له لُغُثِيط، فلما دفعه أهل لؤلؤة إلى بَلْكاجور. وقيل: إن عليَّ بن يحيى الأرمني حمله إلى المتوكل إلى الفتح بن خاقان، فعرض عليه الإسلام فأبى، فقالوا، نقتلك، فقال: أنتم أعلم؛ وكتب ملك الروم يبذل مكانه ألف رجل من المسلمين.