للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الواقديّ: الذي غزا الصائفة في هذه السنة عبد الملك بن صالح، قال: وأصابهم في هذه الغزاة برد قَطَع أيديَهم وأرجُلهم (١).

* * *

ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائة ذكر الخبر عمّا كان فيها من الأحداث

ذكر الخبر عن مخرج يحيى بن عبد الله وما كان من أمره (٢).

ذكر أبو حفص الكِرمانيّ، قال: كان أوّل خبر يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب أنه ظهر بالدّيْلم، واشتدّت شوكته، وقويَ أَمرُه، ونزع إليه الناس من الأمصار والكُور، فاغتمّ لذلك الرّشيد، ولم يكن في تلك الأيام يشرب النّبيذ، فندب إليه الفضلَ بن يحيى في خمسين ألف رجل، ومعه صناديد القوّاد، وولّاه كور الجبال والرَّيّ وجُرجان وطَبَرِستان وقومِس ودُنْبَاوند والرُّويان، وحُملت معه الأموال، ففرّق الكور على قوّاده، فولَّى المثنّى بن الحجاج بن قتيبة بن مسلم طَبَرِستان، وولّى عليّ بن الحجاج الخُزأعيّ جُرجان، وأمر له بخمسمائة ألف درهم، وعسكر بالنَّهرين، وامتدحه الشعراء، فأعطاهم فأكثر، وتوسل إليه الناس بالشعر، ففرَّق فيهم أموالًا كثيرة. وشخص الفضلُ بن يحيى، واستخلف منصور بن زياد بباب أمير المؤمنين، تجرِي كتبه على يديه، وتنفذ الجوابات عنها إليه، وكانوا يثقون بمنصور وابنه في جميع أمورهم، لقديم صحبته لهم، وحرمته بهم. ثُّم مضى من معسكره، فلم تزل كتب الرشيد تتابع إليه بالبِرّ واللطف والجوائز والخِلَع، فكاتب يحيى ورفَق به واستماله، وناشده وحذَّره، وأشار عليه، وبسط أمله، ونزل الفضل بطالَقان الريّ وَدسْتَبى بموضع يقال له أشبّ، وكان شديدَ البرد كثير الثلوج، ففي ذلك يقول أبان بن عبد الحميد اللاحقيّ:

لَدُورُ أَمْسَ بالدُولا ... بِ حيثُ السِّيبُ يَنعرجُ


(١) انظر: البداية والنهاية [٨/ ٩٩].
(٢) انظر: المنتظم (٩/ ١٧)، والبداية والنهاية [٨/ ١٠٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>