للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكوفة وأهل الشَّام عبد الأعلى بن موسى الحلبيّ (١).

ذكر السبب الذي من أجله تغيرت منزلة أبي عبيد الله عند المهدي (٢)

قد ذكرنا سببَ اتّصاله به الذي كان قبلُ في أيَّام المنصور وضمّ المنصور إياه إلى المهديّ حين وجّهه إلى الرّيّ عند خلْع عبد الجبار بن عبد الرحمن المنصور، فذكر أبو زيد عمر بن شبّة، أنّ سعيد بن إبراهيم حدّثه أن جعفر بن يَحْيَى حدّثه أن الفضل بن الرّبيع أخبره، أنّ الموالي كانوا يشنّعون على أبي عبيد الله عند المهديّ، ويسعَوْن عليه عنده؛ فكانت كتب أبي عبيد الله تنفذ عند المنصور بما يريد من الأمور، وتتخلَّى الموالي بالمهديّ، فيبلِّغونه عن أبي عبيد الله، ويحرّضونه عليه.

قال الفضل: وكانت كتب أبي عبيد الله تصل إلى أبي تَتْرَى، يشكو الموالي وما يلقى منهم، ولا يزال يذكره عند المنصور ويخبره بقيامه، ويستخرج الكتب عنه إلى المهديّ بالوَصاة به، وترك القبول فيه. قال: فلمَّا رأى أبو عبيد الله غلَبة الموالي على المهديّ، وخَلْوَتهم به نظر إلى أربعة رجال من قبائل شتّى من أهل الأدب والعلم، فضمّهم إلى المهديّ، فكانوا في صحابته، فلم يكونوا يَدعون الموالي يتخلّوْن به.

ثم إنّ أبا عبيد الله كلّم المهديّ في بعض أمره إذ اعترض رجل من هؤلاء الأربعة في الأمر الذي تكلّم فيه، فسكت عنه أبو عبيد الله، فلم يراده، وخرج فأمر أن يحجب عن المهديّ فحجبه عنه؛ وبلغ ذلك من خبره أبي.

* * *

قال: وحجّ أبي مع المنصور في السنة التي مات فيها، وقام أبي من أمر المهديّ بما قام به من أمر البيعة وتجديدها على بيت المنصور والقوّاد والموالي؛ فلما قدم تلقَّيته بعد المغرب، فلم أزل معه حتَّى تجاوز منزله، وترك دار المهديّ، ومضى إلى أبي عبيد الله، فقال: يابنيّ؛ هو صاحب الرجل؛ وليس ينبغي أن نعامله على ما كنّا نعامله عليه؛ ولا أن نحاسبه بما كان منا في أمره من


(١) انظر البداية والنهاية (٨/ ٨٠).
(٢) انظر البداية والنهاية (٨/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>