قال: فقدِم عليه منهم ثمانون راكبًا، فأناخوا بِفناء الكعبة، فلما رآهم نوفل بن عبد مناف، قال لهم: أنْعموا صباحًا! فقالوا له: لا نَعِم صباحُك أيها الرجل! أنصف ابنَ أختِنا من ظُلامته، قال: أفعلُ بالحبّ لكم والكرامة؛ فردّ عليه الأركاح وأنصفه.
قال: فانصرفوا عنه إلى بلادهم. قال: فدعا ذلك عبد المطّلب إلى الحلْف، فدعا عبد المطّلب بسر بن عمرو، وورقاء بن فلان، ورجالًا من رجالات خُزاعة، فدخلوا الكعبة وكتبوا كتابًا.
وكان إلى عبد المطّلب بعد مهلك عمّه المطّلب بن عبد مناف ما كان إلى مَنْ قبله من بني عبد مناف من أمر السِّقاية، والرِّفادة، وشرُفَ في قومه، وعَظُم فيهم خطره، فلم يكن يُعدَل به منهم أحد، وهو الذي كشف عن زمزم، بئر إسماعيل بن إبراهيم، واستخرج ما كان فيها مدفونًا، وذلك غزالان من ذهب، كانت جُرْهم دفنتهما -فيما ذكر- حين أخرِجت من مكة، وأسيافٌ قلْعية، وأدراع، فجعل الأسياف بابًا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين صفائح من ذهب، فكان أول ذهب حُلِّيتْه -فيما قيل- الكعبة. وكانت كُنْية عبد المطّلب أبا الحارث، كُنِّي بذلك، لأنّ الأكبر من ولده الذكور كان اسمه الحارث، وهو شيبة.
[ابن هاشم]
واسم هاشم عمرو، وإنما قيل له هاشم، لأنه أوّلُ مَنْ هشم الثريد لقومه بمكة وأطعمه، وله يقول مطرود بن كعب الخُزاعيّ - وقال ابن الكلبي: إنما قاله ابن الزِّبَعْرَى -:
ذُكِر: أنّ قومه من قريش، كانت أصابتهم لزْبة وقَحْط، فرحل إلى فلسطين، فاشترى منها الدقيق، فقدم به مكّة، فأمر به فخبز له، ونحر جَزُورًا، ثم اتّخذ لقومه مرقه ثريدًا بذلك الخبز.