للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجَابُوا على بُعْدٍ دُعَاءَ ابْنِ أُخْتِهِم ... ولَمْ يَثْنِهِمْ إذْ جَاوَزَ الْحَقَّ نَوْفَلُ

جَزَى اللهُ خَيرًا عُصبَةً خَزْرَجِيَّةً ... تواصَوْا على بِرٍّ، وذو البِرّ أَفْضلُ

قال: فلمّا رأى ذلك نوفل؛ حالف بني عبد شمس كلّها علي بني هاشم، قال محمّد بن أبي بكر: فحدّثت بهذا الحديث موسى بن عيسى، فقال: يا بن أبي بكر! هذا شيء تَرويه الأنصار تقرّبًا إلينا؛ إذ صيَّر الله الدولة فينا! عبد المطّلب كان أعزّ في قومه من أن يحتاج إلى أن تركب بنو النّجار من المدينة إليه. قلت: أصلح الله الأمير! قد احتاج إلى نصرهم مَنْ كان خيرًا من عبد المطّلب، قال: وكان متكئًا فجلس مغضبًا، وقال: مَنْ خير من عبد المطّلب! قلت: محمّد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: صدقت، وعاد إلى مكانه، وقال لبنيه: اكتبوا هذا الحديث من ابن أبي بكر.

وقد حُدِّثت هذا الحديث في أمرِ عبد المطّلب وعمّه نوفل بن عبد مناف عن هشام بن محمد، عن أبيه، قال: حدَّثنا زياد بن عِلاقة التغلَبيّ - وكان قد أدرك الجاهليّة - قال: كان سبب بدء الحِلْف الذي كان بين بني هاشم وخُزاعة الذي افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسببه مكة، وقال: لتنصبّ هذه السحابة بنصر بني كعب: أنّ نوفل بن عبد مناف - وكان آخر من بقي من بني عبد مناف - ظلم عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف على أركاح له - وهي الساحات - وكانت أمّ عبد المطّلب سلمى بنت عمرو النجارية من الخزرج، قال: فتنصَّفَ عبد المطّلب عَمّه، فلم ينصِفه، فكتب إلى أخواله:

يا طُولَ لَيلِي لأَحْزانِي وأَشْغالِي ... هلْ مِن رَسول إلى النَّجَّارِ أَخْوَالِي!

يُنْبِي عَدِيًّا ودِينارًا ومَازِنَها ... ومالِكًا عِصْمَةَ الجِيرَانِ عن حالِي

قد كُنْتُ فيكُمْ ولا أخْشَى ظُلامةَ ذِي ... ظلْمٍ عزيزًا مَنيعًا ناعِمَ البَالِ

حتَّى ارْتحَلْتُ إلى قَوْمِي وَأَزعَجَنِي ... عن ذَاكَ مُطلِبٌ عَمِّي بِتَرْحَالِ

وكُنْتُ مَاح

كان حَيًّا نَاعِمًا جَذِلًا ... أمْشِي العِرَضْنَةَ سَحَّابًا لأذْيالِي

فغابَ مُطَّلِبٌ في قَعْرِ مُظْلِمَةٍ ... وقام نَوْفَلُ كي يَعدُو على مَالِي

أَأَنْ رَأى رَجُلًا غَابَتْ عُمومَتُهُ ... وغَابَ أخْوَالُهُ عنه بِلا والِي

أنْحَى عليه ولَمْ يَحَفَظْ له رَحِمًا ... ما أمْنَعَ المَرْءَ بَينَ العَمِّ والخَالِ!

<<  <  ج: ص:  >  >>