للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النجَّار، ذات شرف، تشرُط على من خطبها المقامَ بدار قومها، فتزوّجت بهاشم، فولدت له شيبة الحمد، فرُبِّيَ في أخواله مكرّمًا، فبينا هو يُناضل فتيان الأنصار إذ أصاب خَصْله، فقال: أنا ابن هاشم، وسمعه رجل مجتاز، فلما قدم مكة، قال لعمّه المطّلب بن عبد مناف: قد مررت بدار بني قيلة، فرأيت فتىً من صفته ومن صفته ... يناضل فتيانهم، فاعتزى إلى أخيك، وما ينبغي تركُ مثله في الغربة، فرحل المطّلب حتَّى ورد المدينة، فأراده على الرِّحلة، فقال: ذاك إلى الوالدة، فلم يزل بها حتى أذِنَتْ له، وأقبل به قد أرْدفه، فإذا لَقِيَه اللاقي وقال: مَنْ هذا يا مطّلِب؟ قال: عبد لي، فسميَ عبد المطّلب. فلما قدم مكة وَقَفه على ملك أبيه، وسلّمه إليه، فعرض له نوفل بن عبد مناف في رُكْح له، فاغتصبه إياه، فمشى عبد المطّلب إلى رجالات قومه، فسألهم النّصرة على عمّه، فقالوا: لسنا بداخلين بينك وبين عمّك، فلما رأى ذلك كتب إلى أخواله يصف لهم حال نوفل، وكتب في كتابه:

أبلغْ بَني النَّجَّارِ إنْ جِئْتَهُمْ ... أنِّيَ منهُمْ وابنهُمْ والْخَمِيسْ

رَأَيتُهمْ قَوْمًا إذا جِئْتُهمْ ... هوُوا لقائي وأحَبُّوا حَسِيس

فإِنَّ عَمّي نَوْفَلًا قد أبَى ... إلَّا التي يُغْضي عَلَيهَا الخَسِيسْ

قال: فخرج أبو أسعد بن عبدس النَّجاريّ في ثمانين راكبًا؛ حتى أتى الأبطَح، وبلغ عبد المطّلب، فخرج يتلقّاه، فقال: المنزل يا خال؛ فقال: أما حتّى ألقى نوفلًا؛ فلا. قال: تركته جِالسًا في الحِجْر في مشايخ قريش، فأقبل حتى وقف على رأسه، ثم استلّ سيفه، ثم قال: وربّ هذه البنيّة؛ لتردّن عليَّ ابن أختنا رُكْحه أو لأملأنَّ منك السيف، قال: فإنّي وربّ هذه البنيّة أردُّ رُكحه، فأشهد عليه مَنْ حضر، ثم قال: المنزل يابن أختي! فأقام عنده ثلاثًا واعتمر، وأنشأ عبد المطّلب يقول:

تأبى مَازِنٌ وبَنو عَدِيٍّ ... ودِينارُ بْنُ تَيم الَّلاتِ ضَيمِي

وسادَةُ مَالِك حتَّى تَنَاهَى ... ونَكَّبَ بَعدُ نَوْفَلُ عن حَريمي

بِهِمْ رَدَّ الإلهُ عَليَّ رُكْحِي ... وكَانوا في التَّنَسُّبِ دونَ قَوْمِي

وقال في ذلك سمُرة بن عُمير، أبو عمرو الكنانيّ:

لَعَمْرِي لأخْوَالٌ لِشَيبةَ قَصْرةً ... منَ أعْمَامِهِ دِنْيَا أَبَرُّ وأوْصَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>