قلنا: ولقد ذكر ابن عساكر روايات أخرى كذلك (من طرق غير طريق سيف) ولا نريد أن نطيل في ذكرها، ولكن نعرج أخيرًا على ما قاله أئمة الجرح والتعديل في عبد الله بن سبأ. قال ابن حبان في كتاب المجروحين (٢/ ٢٥٣): كان الكلبي سبئيًا من أصحاب عبد الله بن سبأ من أولئك الذين يقولون: إن عليًّا لم يمت وأنه راجع إلى الدنيا ... ومعلوم أن ابن حبان كان من المعاصرين للطبري ويوفي سنة (٣٥٤ هـ) وهو من أئمة الجرح والتعديل المتقدمين بالإضافة إلى كونه إماما محدثا. ويقول الحافظ ابن حجر: وأخبار عبد الله بن سبأ شهيرة في التواريخ (لسان الميزان ٣/ ٢٩٠). ويقول الحافظ الذهبي: عبد الله بن سبأ من غلاة الزنادقة ضال مضل، أحسب أن عليًّا حرقه بالنار. (ميزان الاعتدال ٢/ ٤٢٦) ولا ننسى أن نذكر أن البلاذري المتوفى في سنة (٢٧٩) هـ ذكر ابن سبأ وأنه قدم على علي يسأله عن رأيه في أبي بكر وعمر (أنساب الأشراف / تحقيق باقر المحمودي / ٣٨٢).
ولكن ماذا عن دور عبد الله بن سبأ في الفتنة؟ بعد أن تبين لنا وجود شخصية تأريخية كعبد الله بن سبأ وهو من يهود اليمن (أظهر إسلامه وأخفى كفره ونفاقه) نقول: هل كان لعبد الله بن سبأ دور في الفتنة أيام سيدنا عثمان رضي الله عنه؟ والذي نقوله والله أعلم: إننا لا نستطيع تحديد دورٍ معين لضلوع ابن سبأ في هذه الفتنة ولا ننفيه كذلك ولا نستبعده للأسباب الآتية: ١ - إذا كان اليهود قد حاولوا قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإضافة إلى إثارة الشبهات والشكوك فمن باب أولى أن يشاركوا في فتنة حول صحابي من صحابته. ٢ - ذكرت روايات ابن عساكر الصحيحة والحسنة: أنه كان ينال من الخلفاء الراشدين، ويؤذي سيدنا علي باختلاق الأوهام حول شخصيته، ووصل الحد به إلى إعلان ألوهية علي رضي الله عنه، ولا يستبعد أن يكون كل ذلك غطاء لضلوعه في الفتنة، ولا نرى غرابة في =