للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي العَمَرّطة الكنديّ من ولد آكل المُرار، قال: فقدمِتْ على الحسن امرأته الجَنوب ابنة القعقاع بن الأعلم رأس الأزد، ويعقوب بن القعقاع قاضي خراسان، فخرج يتلقاها، وغزاهم الترك، فقيل له: هؤلاء الترك قد أتوك - وكانوا سبعة آلاف - فقال: ما أتَوْنا بل أتيناهم وغلبناهم على بلادهم واستعبدناهم، وأيمُ الله مع هذا لأدنينَّكم منهم، ولأقرننّ نواصي خيلكم بنواصي خيلهم.

قال: ثم خرج فتباطأ حتى أغاروا وانصرفوا، فقال الناس: خرج إلى امرأته يتلقاها مسرعًا، وخرج إلى العدو متباطئًا، فبلغه فخطبهم، فقال: تقولون وتعيبون! اللهمَّ اقطع آثارهم وعجّل أقدارهم، وأنزل بهم الضّراء وارفع عنهم السراء! فشتمه الناس في أنفسهم.

وكان خليفته حين خرج إلى الترك ثابت قُطْنة، فخطب الناس فحصر فقال: من يطع اللهَ ورَسُوله فقد ضلّ، وأرتِج عليه، فلم ينطق بكلمة، فلما نزل عن المنبر قال:

إنْ لم أكنْ فيكمْ خَطِيبًا فإِنني ... بسيفي إذا جَدَّ الوغى لخَطيب (١)

فقيل له: لو قلت هذا على المنبر، لكنت خطيبًا، فقال حاجب الفيل اليشكريّ يعيره حَصَرَه:

أبا العَلاءِ لقد لاقيتَ مُعْضلَةً ... يومَ العَرُوبة مِنْ كَربِ وتَخنِيق

تَلوي اللسانَ إذا رُمتَ الكلامَ بهِ ... كما هوى زَلَقٌ من شاهِقِ النِّيقِ

لمَّا رَمَتْكَ عُيُونُ الناسِ ضاحيةً ... أنشأْتَ تَجْرَضُ لمَّا قمتَ بالرِّيق

أما القرانُ فَلا تُهدَى لِمَحْكَمَةٍ ... مِنَ القِرانِ وَلا تُهْدَى لِتَوفيقِ

وفي هذه السنة ولد عبد الصمد بن عليّ في رجب. [٧/ ٣٧ - ٣٩].

[ثم دخلت سنة سبع ومئة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]

فمن ذلك ما كان من خروج عبّاد الرُّعيْني باليمن محكِّمًا، فقتله يوسف بن


(١) أورد الجاحظ الشعر في البيان والتبيين ١: ٢٣١، وروايته:
فإِلَّا أَكُنْ فيهمْ خطيبًا فإِنَّني ... بسُمْرِ القنا والسَّيْفِ جدُّ خطيب

<<  <  ج: ص:  >  >>