الله أنجاك من القصيم ... ومن أبى حَرْدبَةَ الأثيمِ
ومن غُوَيْثٍ فاتح العُكُومِ ... ومالِكٍ وسيفه المَسْمُومِ
قال عليّ: قال مسَلَمة: قدم سعيد بنُ عثمانَ، فقطع النّهر إلى سَمرْقَنْد، فخرج إليه أهل الصُّغد، فتواقفوا يومًا إلى الليل ثم انصرفوا من غير قتال، فقال مالكُ بن الرَّيْب يذمّ سعيدًا:
ما زلتَ يومَ الصُّغْدِ تُرعَدُ واقفًا ... من الجُبن حتى خِفتُ أن تَتَنصَّرا
وما كان في عثمانَ شيءٌ علِمتُه ... سوى نَسْلِهِ في رهطِه حين أدبرَا
ولولا بنو حرب لَظلَّتْ دماؤُكُمْ ... بُطُونَ العَظايا من كسيرٍ وأَعورَا
قال: فلما كان الغدُ خرج إليهم سعيدُ بن عثمانَ، وناهَضَه الصُّغد، فقاتلهم فهزَمهم وحصَرهم في مدينتهم، فصالحوه وأعطَوْه رُهُنًا منهم خمسين غلامًا يكونون في يده من أبناء عظمائهم، وعَبَر فأقام بالتِّرْمِذ، ولم يفِ لهم، وجاء بالغلْمان الرّهن معه إلى المدينة.
قال: وقدم سعيد بن عثمانَ خُراسان وأسلم بن زُرْعة الكلابيّ بها من قبَل عُبيد الله بن زياد، فلم يزل أسلم بن زُرعة بها مقيمًا حتى كتب إليه عُبيد الله بن زياد بعهده على خُراسان الثانية، فلما قدِم كتابُ عبيد الله على أسلم طرق سعيد بن عثمانَ ليلًا، فأسقطتْ جارية له غلامًا، فكان سعيد يقول: لأقتلنّ به رجلًا من بني حرب؛ وقدم على معاوية فشكا أسلم إليه، وغضبت القيسيّة؛ قال: فدخل همّام بن قَبيصة النَّمَري فنظر إليه معاوية محمرَّ العينين، فقال: يا همام! إنّ عينيك لمحمرَّتان؛ قال همّام: كانتا يومَ صفِّين أشدّ حُمرة؛ فغمّ معاوية ذلك، فلما رأى ذلك سعيد كفّ عن أسلم، فأقام أسلم بن زُرْعة على خُراسان واليًا لعُبيد الله بن زياد سنتين (١). (٥: ٣٠٥/ ٣٠٧/٣٠٦).