مرّ به من العرب والعجم روزْبه. ولقا رأى روزْبه: أنّ القعقاع قد قصد له؛ استمدّ زرمهر، فأمدّه بنفسه، واستخلف على عسكره المَهْبُوذان، فالتقوْا بحُصَيد، فاقتتلوا، فقتل الله العجمَ مقتلةً عظيمة، وقَتَلَ القعقاعُ زرمهَر، وقُتل روزبه؛ قتله عِصْمة بن عبد الله أحد بني الحارث بن طريف، من بني ضَبَّة، وكان عصمة من البَرَرة - وكلّ فَخِذٍ هاجرت بأسرها تُدعى البررة، وكلّ قوم هاجروا من بطن يُدعون الخيَرة - فكان المسلمون خيرَة وبرَرة. وغنم المسلمون يوم حُصيد غنائم كثيرة وأرَز فُلّال حُصيد إلى الخَنافس فاجتمعوا بها.
الخَنافِس
وسار أبو ليلى بن فَدَكيّ بمَن معه ومن قدم عليه نحو الخنافس؛ وقد أرَزت فُلّال حُصيد إلى المَهْبُوذان، فلما أحسَّ المهبوذان بقدومهم هرب ومن معه وأرَزوا إلى المُصَيَّخ، وبه الهُذيل بن عمران، ولم يلق بالخنافس كيدًا، وبعثوا إلى خالد بالخبر جميعًا.
مصَيَّخ بني البَرْشاء
قالوا: ولمَّا انتهى الخبرُ إلى خالد بمصاب أهلِ الحُصيد وهرب أهل الخَنافس كتب إليهم، ووعد القعقاعَ وأبا ليلى وأعبد وعُروة ليلة وساعة يجتمعون فيها إلى المصيَّخ - وهو بين حَوْران والقَلْت - وخرج خالد من العين قاصدًا للمصَيَّخ على الإبل يجنّب الخيل، فنزل الجَناب، فالبَردان، فالحِنْي، واستقلّ من الحنْي؛ فلمَّا كان تلك الساعة من ليلة الموعِد اتفقوا جميعًا بالمُصَيَّخ، فأغاروا على الهُذَيل ومَن معه ومن أوى إليه؛ وهم نائمون من ثلاثة أوجه، فقتلوهم. وأفلت الهُذَيل في أناس قليل؛ وامتلأ الفضاء قَتْلى، فما شبَّهوا بهم إلّا غنمًا مصرَّعة؛ وقد كان حُرْقوص بن النعمان قد محضهم النّصح، وأجاد الرأي، فلم ينتفعوا بتحذيره، وقال حرقوص بن النعمان قبل الغارة:
ألا سَقياني قبلَ خيلِ أبي بكر ... الأبيات
وكان حرقوص معرِّسًا بامرأة من بني هلال تُدعى أمّ تغلب، فقتلت تلك الليلة، وعُبادة بن البشر، وامرؤ القيس بن بشر، وقيس بن بشر؛ وهؤلاء بنو