للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعبر إلى باب أبي أحمد، ومنهم مَنْ يرجع إلى منزله، ومنهم من يخرج من بغداد؛ فلما رأى أبو الصقر ذلك، وصحّت عنده حياة أبي أحمد، انحدر هو وابناه إلى دار أبي أحمد؛ فما ذاكره أبو أحمد شيئًا مما جَرَى، ولا ساءله عنه، وأقام في دار أبي أحمد.

فلما رأى المعتمد: أنه قد بقيَ في الدار وحدَه، نزل هو وبنوه وبكتمر، فركبوا زورقًا، ثم لقيهم طيّار أبي ليلى بن عبد العزيز بن أبي دُلف، فحملهم في طيّاره، ومضى بهم إلى داره، وهي دار عليّ بن جهشيار برأس الجسر، فقال له المعتمد: أريد أن أمضيَ إلى أخي فاحدره ومَنْ معه من بيته إلى دار أبي أحمد، وانتُهبَتْ دار أبي الصقر وكل ما حوته حتى خرج حُرَمُه حفاةً بغير إزارَ، وانتُهبت دار محمد بن سليمان كاتبه، ودار ابن الواثقيّ انتُهبت وأحرقت، وانتُهبَت دور أسبابه، وكسِرت أبواب السجون، ونُقِبت الحمطان، وخرج كلّ من كان فيها، وخرج كلّ من كان في المطبَق، وانتُهب مجلسا الجسر، وأخِذ كلّ ما كان فيهما، وانتُهبت المنازل التي تقرب من دار أبي الصقر، وخلع أبو أحمد على ابنه أبي العباس وعلى أبي الصقر، فركبا جميعًا، والخلع عليهما من سوق الثلاثاء إلى باب الطَّاق، ومضى أبو الصقر مع أبي العباس إلى داره؛ دار صاعد، ثم انحدر أبو الصقر في الماء إلى منزله وهو منتَهب، فأتوه من دار الشاه بحصير فقعد عليه، فولّى أبو العباس غلامَه بدار الشرطة، واستخلف محمد بن غانم بن الشاه على الجانب الشرقيّ، وعيسى النوشريّ على الجانب الغربيّ؛ وذلك لأربع عشرة خلت من صفر منها.

وفيها في يوم الأربعاء لثمانٍ بقين من صفر، كانت وفاة أبي أحمد الموفّق ودفن ليلة الخميس في الرُّصافة عند قبر والدته، وجلس أبو العباس يوم الخميس للناس للتعزية.

[ذكر خبر البيعة للمعتضد بولاية العهد] (١)

وفيها بايع القوّاد والغلمان لأبي العباس بولاية العهد بعد المفوّض، ولقّب


(١) وكذلك قال ابن الجوزي (١٢/ ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>