يقول ابن خلدون أيضًا: وغايته إن جذبت دولتهم في ضَبْعه وَضَبْعِ أبيه، واستخلصتهم ورقَتهم إلى منازل الأشراف وكيف يسوغ من الرّشيد أن يصهر إلى موالي الأعاجم على بعد همته وعظم (إبائه)؟ ولو نظر المتأمّل في ذلك نظر المنصف، وقاس العباسة بابنة ملك من (أعاظم) ملوك زمانه، لاستنكف لها عن مثله مع مولى من موالي دولتها، وفي سلطان قومها، واستنكره ولجّ في تكذيبه. وأين قدر العبّاسة والرّشيد من النّاس؟ [مقدمة ابن خلدون/ ٤٤]. قلت: وإضافة إلى ما قاله ابن خلدون فإن الطرف الآخر كذلك كان لا يسمح لنفسه ارتكاب هذا القبح فالوزير البرمكي (جعفر بن يحيى) تعلّم عند قاضي القضاة أبي يوسف وكان رجلا شهمًا ذا خلق رفيع ينفق سرًّا على علماء أهل السنة والجماعة كسفيان بن عيينة فكيف لمثل هذا الرجل أن يرتكب ما ذكرته هذه الرواية المنكرة؟ ! وسامح الله الطبري كيف ينقل هذه التهمة والقذف بسندٍ يظنه ظنًّا ويشك فيه بقوله (أحسبه عن عمه زاهر بن حرب) وزاهر هذا مجهول - والله أعلم -.