للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان جعفر يتَّخذ للرشيد طعامًا كلما حجّ بعُسفان فيقربه إذا انصرف شاخصًا من مكة إلى العراق، فلما كان في هذا العام، اتّخذ الطعام جعفر كما كان يتخذه هنالك، ثم استزاره فاعتلّ عليه الرشيد، ولم يحضر طعامه، ولم يزل جعفر معه حتى نزل منزله من الأنبار؛ فكان من أمره وأمر أبيه ما أنا ذاكر إن شاء الله تعالى.

* * *

[ذكر الخبر عن مقتل جعفر]

ذكر الفضل بن سليمان بن عليّ أن الرشيد حجّ في سنة ست وثمانين ومائة.

وأنه انصرف من مكة، فوافى الحِيرة في المحرّم من سنة سبع وثمانين ومائة عند انصرافه من الحجّ، فأقام في قصر عون العِباديّ أيامًا، ثم شخص في السّفن حتى نزل العُمْر الذي بناحية الأنبار، فلما كان ليلة السبت لانسلاخ المحرّم، أرسل مسرورًا الخادم ومعه حمّاد بن سالم أبو عصمة في جماعة من الجند،


= خليفة، محفوفة بالملك العزيز والخلافة النبوية وصحبة الرسول وعمومته وإمامة الملة ونور الوحي ومهبط الملائكة من سائر جهاتها، قريبة عهد ببداوة العروبة وسذاجة الدين، البعيدة عن عوائد الترف ومراتع الفواحش فأين يطلب الصون والعفاف إذا ذهب عنها؟ أو أين توجد الطهارة والزّكاء، إذا فقد من بيتها؟
يقول ابن خلدون أيضًا: وغايته إن جذبت دولتهم في ضَبْعه وَضَبْعِ أبيه، واستخلصتهم ورقَتهم إلى منازل الأشراف وكيف يسوغ من الرّشيد أن يصهر إلى موالي الأعاجم على بعد همته وعظم (إبائه)؟ ولو نظر المتأمّل في ذلك نظر المنصف، وقاس العباسة بابنة ملك من (أعاظم) ملوك زمانه، لاستنكف لها عن مثله مع مولى من موالي دولتها، وفي سلطان قومها، واستنكره ولجّ في تكذيبه. وأين قدر العبّاسة والرّشيد من النّاس؟ [مقدمة ابن خلدون/ ٤٤].
قلت: وإضافة إلى ما قاله ابن خلدون فإن الطرف الآخر كذلك كان لا يسمح لنفسه ارتكاب هذا القبح فالوزير البرمكي (جعفر بن يحيى) تعلّم عند قاضي القضاة أبي يوسف وكان رجلا شهمًا ذا خلق رفيع ينفق سرًّا على علماء أهل السنة والجماعة كسفيان بن عيينة فكيف لمثل هذا الرجل أن يرتكب ما ذكرته هذه الرواية المنكرة؟ ! وسامح الله الطبري كيف ينقل هذه التهمة والقذف بسندٍ يظنه ظنًّا ويشك فيه بقوله (أحسبه عن عمه زاهر بن حرب) وزاهر هذا مجهول - والله أعلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>