فقد كتبنا في مقدمة المجلد الأول فصولًا في منهج الطبري ومصادره وما لَهُ وما عليه وأوضحنا بعضًا من معالم منهجنا في تخريج روايات الطبري فليراجع.
وقد رأينا كتابة مقدمة صغيرة وخاصة في بداية كل مجلد من مجلدات الطبري أو بداية مرحلة معينة على الأقل - وما تبقى من تأريخ الطبري (الذي ينتهي بأحداث سنة ٣٠٢ هـ/ ١٠/ ١٥١) هو امتداد لمنهج الطبري في المجلد التاسع وقد كتبنا مقدمة قصيرة في بداية تعليقاتنا ضمن أحداث سنة (٢٤٧ هـ - خلافة المتوكل - أي في (٩/ ٢٣٥).
وذكرنا فيه كيفية تعاملنا مع مرويات الطبري التأريخية المتعلقة بهذه الحقبة الزمنية ومنهجنا هذا امتداد لسابقه هناك؛ إلّا أننا أردنا أن نضيف شيئًا لم نذكره هناك، فنقول وبالله التوفيق:
من الواضح تمامًا أن الطبري كان رجلًا متكاملًا من الناحية الذهنية وقوة الحافظة وحضور البديهة وكان إمامًا مؤرخًا ثقة - معاصرًا لما سجّله من أحداث العقود الأخيرة من القرن الهجري الثالث ولكنه وللأسف الشديد لم يسجّل شهاداته الشخصية ومشاهداته اليومية سواء كان في بغداد (حاضرة الخلافة) أو مصر أو الحجاز وغيرها من بلاد المسلمين - ولا شك أنه عايش جانبًا هامًّا من تلك الأحداث إلَّا أنه سجّلها بصيغة توحي أنه أخذ جلَّها عن الآخرين ولعلَّه أحيانًا يروي عن شهود عيان ولو سجّل تلك الوقائع بصيغة أخرى كما ذكرنا لكان لها أهمية تفوق صيغتها المعروفة والله أعلم.
ولو قرأنا لغيره من معاصريه وهو يسجّل أحداث ووقائع تلك العقود؛ لتبيّن لنا