للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمرهما أن يتّبعاهما ويسبقاهما، فلحقاهما، فطوياهما وهما نائمان، وابن علقمة يتمثّل وهي هِجِّيراه:

أَرَّقَ عَيني أَخَوَا جُذَامِ ... كيفَ أنامُ وهُمَا أمامي!

إِذْ يرحَلانِ والهَجِيرُ طامِي ... أخو حُشَيْمٍ وأخو حَرامِ

وانطلق علقمة بن مُجَزِّز، فحصر الفيقار بغزّة، وجعل يراسله، فلم يشفه مما يريد أحد؛ فأتاه كأنّه رسول علقمة، فأمر الفيقار رجلًا أن يقعد له بالطريق، فإذا مرّ قتله، ففطِن علقمة، فقال: إنّ معي نفرًا شركائي في الرّأي، فأنطلقُ فآتيك بهم؛ فبعث إلى ذلك الرّجل: لا تعرض له. فخرج من عنده ولم يَعُد، وفعل كما فعل عمرو بالأرطبون، وانتهى بريد معاوية إلى عمر بالخبر، فجمع الناس وأباتهم على الفرح ليلًا، فحمد الله وقال: لتحمدوا الله على فتح قيساريّة، وجعل معاوية قبل الفتح وبعده يحبس الأسرَى عنده، ويقول: ما صنع ميخائيل بأسرانا صنعنا بأسراهم مثله، ففطمه عن العَبث بأسرَى المسلمين حتى افتتحها (١). (٣: ٦٠٣/ ٦٠٤).

ذكر فتح بَيْسانَ ووقعة أجْناديْن

٣٨٦ - ولمّا توجّه علقمة إلى غزّة، وتوجّه معاوية إلى قَيساريّة؛ صمد عمرو بن العاص إلى الأرْطَبون، ومرّ بإزائه، وخرج معه شُرَحبيل بن حَسَنة على مقدّمته، واستخلف على عمل الأرْدُن أبا الأعورَ، وولى عمرو بن العاص مجنّبتيه عبدَ الله بن عمرو، وجُنادة بن تميم المالكيّ -مالك بن كنانة- فخرج حتى ينزل على الرّوم بأجناديْن، والرّوم في حصونهم وخنادقهم وعليهم الأرطَبون. وكان الأرطبون أدْهى الرُّوم وأبعدَها غَوْرًا، وأنكاها فعلًا، وقد كان وضع بالرّملة جندًا عظيمًا، وبإيلياء جندًا عظيمًا؛ وكتب عمرو إلى عمر بالخبر؛ فلمّا جاءه كتاب عمرو، قال: قد رمينا أرطبون الرّوم بأرطبون العرب، فانظروا عمّ تتفرّج! وجعل عمر رحمه الله من لدن وجّه أمراء الشام يمدّ كلّ أمير جند ويرميه بالأمداد؛ حتى إذا أتاه كتاب عمرو بتفريق الرّوم، كتب إلى يزيد أن يبعث


(١) إسناده ضعيف جدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>