ثم زحف ابن ليثويْه إلى الشديديّة، وضبط تلك النواحي إلى أن ولَّى أبو أحمد محمّدًا المولَّد واسطًا.
قال محمد: قال جبّاش: لمّا وافَى ابن ليثويه الشديديّة سار إليه سليمان، فأقام يومين يقاتله، ثم تطارد له سليمان في اليوم الثالث، وتبعه ابن ليثويه فيمن تسرّع معه، فرجع إليه سليمان، فألقاه في فوّهة بردودا، فتخلص بعد أن أشفى على الغرق، وأصاب سليمان سبع عشرة دابة من دوابّ ابن ليثويه.
قال: وكتب سليمان إلى الخبيث يستمدّه، فوجّه إليه الخليل بن أبان في زُهاء ألف وخمسمئة فارس، ومعه المذوّب، فقصد عند موافاة هذا المدد إياه لمحاربة محمد المولَّد، فأوقع به فهرب المولَّد، ودخل الزَّنج واسطًا، فقتِل بها خلْق كثير، وانتهبت وأحرقت، وكان بها إذ ذاك كنجور البخاريّ، فحامى يومه ذلك إلى وقت العصر، ثم قتِل، وكان الذي يقود الخيل يومئذ في عسكر سليمان بن جامع الخليل بن أبان وعبد الله المعروف بالمذوّب، وكان الجُبّائيّ في السميريّات، وكان الزنجيّ بن مهربان في الشَّذَوات، وكان سليمان بن جامع في قوّاده من السودان ورجّالته منهم، وكان سليمان بن موسى الشعرانيّ وأخواه في خيله ورجْله مع سليمان بن جامع؛ فكان القوم جميعًا يدًا واحدةً، ثم انصرف سليمان بن جامع عن واسط، ومضى بجميع الجيش إلى جُنْبُلاء ليعيث ويخرب، ووقع بينه وبين الخليل بن أبان اختلافٌ، فكتب الخليل بذلك إلى أخيه عليّ بن أبان، فاستعفى له قائد الزنج من المُقام مع سليمان، وأذن للخليل بالرجوع إلى مدينة الخبيث مع أصحاب عليّ بن أبان وغلمانه، وتخلّف المذوَّب في الأعراب مع سليمان، وأقام بمعسكره أيامًا، ثم مضى إلى نهر الأمير، فعسكر به، ووجّه الجبائيَّ والمذوّب إلى جُنْبُلاء، فأقاما هنالك تسعين ليلة، وسليمان معسكر بنهر الأمير.
قال محمد: قال جبّاش: كان سليمان معسكرًا بالشديديّة.
* * *
[ذكر خبر خروج سليمان بن وهب من بغداد إلى سامرّا]
وفي هذه السنة خرج سليمان بن وهب من بغداد إلى سامُرّا، ومعه الحسن بن وهب، وشيّعه أحمد بن الموفّق ومسرور البلخيّ وعامة القواد؛ فلما صار بسامُرّا