للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر ما كان من خبر الخوارج عند توجيه علي الحكم للحكومة وخبر يوم النهر]

٢٧٠ - قال أبو مخنف: حدثني الأجلح بن عبد الله، عن سلمَة بن كُهَيل، عن كثير بن بَهْز الحضرميّ، قال: قام عليّ في الناس يخطبهم ذات يوم، فقال رجلٌ من جانب المسجد: لا حكمَ إلا لله، فقام آخرُ فقال مِثلَ ذلك، ثم تَوالى عدّة رجال يحكّمون، فقال عليّ: الله أكبر؛ كلمة حقّ يلتمس بها باطل! أما إنّ لكم عندنا ثلاثًا ما صحبتمونا: لا نمنعكم مساجدَ الله أن تذكروا فيها اسمَه، ولا نمنعكم الفيءَ ما دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تبدؤونا؛ ثم رجع إلى مكانه الذي كان فيه من خطبته (١). (٥: ٧٣).


= ولكن الرواية التي ذكرنا في قسم الصحيح بينت أنه رضي الله عنه انصرف قبل وقوع المعركة فهل هذا الفرار جبنًا أم فرار بالدين يا بروكلمان؟ !
ويقول بروكلمان: (ولم يكادوا يبلغون البصرة حتى فتكوا غدرًا بأميرها الذي آثر أن ينتظر الأمر من علي على أن ينضم إليهم حتى إذا وقفوا إلى السيطرة على المدينة [البصرة] نشب الخلاف بين طلحة والزبير) (تأريخ الشعوب الإسلامية / ١١٥).
ويا عجبًا لبروكلمان كيف يقلب الحقائق؟ ! ويا ليته اعتمد على الروايات الضعيفة، فإنها لم تذكر أن طلحة والزبير رضي الله عنهما فتكا بأمير البصرة غدرًا، فالرواية التي رواها التالف الهالك أبو مخنف ذكرت أنهم أرادوا أن يقتلوه ولكن لم يفعلوا، والرواية الضعيفة الثانية وهي رواية سيف تذكر أنهم نتفوا لحيته فبلغ الأمر للسيدة عائشة فأمرت بإطلاق سراحه، والرواية الأصح من هاتين تذكر أن أصحاب الزبير وطلحة أوقفوا أمير البصرة ليس إلّا، فمن أين جاء هذا الزعم بأنهم قتلوه؟ لا ندري! !
وأما قول بروكلمان: (حتى إذا وقفوا إلى السيطرة على المدينة) فغير صحيح كما تبيّن لنا من الروايات الصحيحة، بل لم يتحقق أملهم في استتباب الأمن في البصرة، وكان أهل البصرة انقسموا إلى مؤيد للخليفة، أو مؤيد للمطالبين بدم عثمان، أو معتزل الموقف لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.
وأما قوله: (نشب الخلاف بين طلحة والزبير) فهذا أمر ذكرته الروايات الضعيفة التي رواها مجهول الحال شعيب عن شيخه الضعيف سيف، ولم ترد رواية صحيحة (فيما نعلم) لإثبات ما يقوله بروكلمان.
والحمد لله على نعمة الإسناد.
(١) في إسناده أبو مخنف وهو هالك، ولكن لمتنه ما يشهد له فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه =

<<  <  ج: ص:  >  >>