للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها كان وثوب أهل إفريقيّة بعبدويه الأنباريّ ومَنْ معه من الجند هنالك، فقتِل الفضل بن رَوْح بن حاتم، وأُخرِج مَن كان بها من آل المهلّب، فوجه الرشيد إليهم هرثمة بن أعين، فرجعوا إلى الطاعة.

وقد ذكر أن عبدويه هذا لمَّا غلب على إفريقيّة، وخلع السلطان، عظم شأنه وكثر تبعُه، ونزع إليه الناس من النواحي، وكان وزير الرشيد يومئذ يحيى بن خالد بن برمك، فوجَّه إليه يحيى بن خالد بن برمك يقطين بن موسى ومنصور بن زيَّاد كاتبه؛ فلم يزل يحيى بن خالد يتابع على عبدويه الكتب بالترغيب في الطاعة والتخويف للمعصية والإعذار إليه والإطماع والعِدَة حتى قبل الأمان، وعاد إلى الطاعة وقدم بغداد، فوفى له يحيى بما ضمِن له وأحسن إليه، وأخذ له أمانًا من الرشيد، ووصله ورأّسه.

وفي هذه السنة فوّض الرشيد أمورَه كلها إلى يحيى بن خالد بن برمك (١).

[[ولاية الفضل بن يحيى على خراسان وسيرته بها]]

وفيها شخص الفضل بن يحيى إلى خُراسان واليًا عليها، فأحسنَ السيرة بها، وبنى بها المساجد والرِّباطات. وغزا ما وراء النهر، فخرج إليه خاراخره ملك أشر وسَنة؛ وكان ممتنعًا (٢).

وذكر أن الفضل بن يحيى اتّخذ بخراسان جندًا من العجم سماهم العباسيّة، وجعل ولاءهم لهم، وأن عدّتهم بلغت خمسمائة ألف رجل، وأنه قدم منهم بغداد عشرون ألف رجل، فسمُّوا ببغداد الكرَنبيَّة، وخلّف الباقي منهم بخُراسان على أسمائهم ودفاترهم؛ وفي ذلك يقول مروان بن أبي حفصة:

ما الفضلُ إِلا شهابٌ لا أفولَ له ... عندَ الحروب إِذا ما تَأفُلُ الشُّهُبُ

حَامٍ على مُلكِ قومِ عزّ سَهْمُهُمُ ... منَ الوراثةِ في أَيديهمُ سببُ

أَمستْ يَدٌ لبني ساقِي الحجيج بِها ... كتائبٌ ما لها في غيرهم أَرَبُ


(١) هذا أمر جدّ خطير ومبالغ فيه ولا بُدَّ من ذكره بإسناد على الأقل يتفق عليه مؤرخان ثقتان من المتقدمين ولم يحصل ذلك فيما نعلم، والله تعالى أعلم.
(٢) انظر: البداية والنهاية [٨/ ١٠٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>