للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة إحدى وستين ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]

فمن ذلك مَقتَل الحسين رضوان الله عليه، قُتل فيها في المحرّم لعشر خلوْن منه، كذلك حدّثني أحمد بن ثابت، قال: حدّثني مُحَدّث عن إسحاق بن


= صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخلاصة كلام ابن خلدون: أن الإمام الحسين بن علي اجتهد في خروجه إلى العراق واجتهاده ذو شقين: ديني ودنيوي.
أما الديني فأصاب فيه، وأما الدنيوي فأخطأ فيه - رضي الله عنه - وأصاب غيره من الصحابة الذين نصحوه بعدم الخروج وكما يقول ابن خلدون: [أخطأ في أمر دنيوي لا يضره الغلط فيه وأما الحكم الشرعي فلم يغلط فيه لأنه منوط بظنه وكان ظنه القدرة على ذلك ولقد عذله ابن العباس وابن الزبير وابن عمر وابن الحنفية أخوه وغيره في مسيره إلى الكوفة وعلموا غلطه في ذلك ولم يرجع عما هو بسبيله لما أراده الله.
وأما غير الحسين من الصحابة الذين كانوا بالحجاز ومع يزيد بالشام والعراق ومن التابعين لهم فرأوا أن الخروج على يزيد وإن كان فاسقًا لا يجوز لما ينشأ عنه من الهرج والدماء فأقصروا عن ذلك ولم يتابعوا الحسين بن علي ولا أنكروا عليه ولا أثموه لأنه مجتهد وهو أسوة المجتهدين ولا يذهب بك الغلط أن تقول بتأثيم هؤلاء بمخالفة الحسن وقعودهم عن نصره فإنهم أكثر الصحابة ولم يروا الخروج.
ويقول أيضًا: "وكان الحسين يستشهد بهم (وهو بكربلاء) على فضله وحقه ويقول سلوا جابر بن عبد الله، وأبا سعيد وأنس بن مالك وسهل بن سعيد وزيد بن أرقم وأمثالهم ولم ينكر عليهم قعودهم عن نصره ولا تعرّض لذلك لعلمه أنهم على اجتهاد وإن كان هو على اجتهاد ... ".
ويقول أيضًا: "والحسين فيها شهيد مثاب وهو على حق واجتهاد وأن الصحابة الآخرين على حق واجتهاد أيضًا" [عن مقدمة ابن خلدون وبتصرف (٢١٧)].
وقال ابن خلدون: "ولما حدث في يزيد ما حدث من الفسق اختلف الصحابة حينئذٍ في شأنه فمنهم من رأى الخروج عليه ونقض بيعته من أجل ذلك كما فعل الحسين وعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - ومن اتبعهما في ذلك، ومنهم من أباه لما فيه من إثارة الفتنة وكثرة القتل مع العجز عن الوفاء به لأن شوكة يزيد يومئذٍ هي عصابة بني أمية وجمهور أهل الحل والعقد من قريش وتستبع عصبية مضر أجمع وهي أعظم من كل شوكة ولا تطاق مقاومتهم .. والكل مجتهدون (أي: الصحابة) ولا ينكر على أحد من الفريقين فمقاصدهم في البِرِّ وتحرّيه معروفة وفقنا الله للاقتداء بهم" (١/ ٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>