للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو جعفر: فلما نزلت نقمة الله بقارون حمِد الله على ما أنعم به عليهم المؤمنون الذين وعظوه وأنذروه بأمر الله، ونصحوا له من المعرفة بحقّه والعمل بطاعته، وندِم الذين كانوا يتمنّوْن ما هو فيه من كثرة المال، والسعة في العيش على أمنيتهم، وعرفوا خطأ أنفسهم في أمنيتها، فقالوا ما أخبر الله عزّ وجلّ عنهم في كتابه: {وَيكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَينَا}، فصرَف عنا ما ابتلى به قارون وأصحابه مما كنا نتمناه بالأمس لخسف بنا كما خسف به وبهم. فنجّى الله تعالى من كلّ هول وبلاء نبيَّه موسى والمؤمنين به المتمسكين بعهده من بني إسرائيل، وفتاه يوشع بن نون المتبعين له بطاعتهم ربهم، وأهلك أعداءه وأعداءهم: فرعون وهامان وقارون والكنعانيين بكفرهم وتمردهم عليه وعتوهم، بالغرق بعضًا، وبالخسف بعضًا، وبالسيف بعضًا، وجعلهم عبرًا لمن اعتبر بهم، وعظة لمن اتعظ بهم، مع كثرة أموالهم وكثرة عدد جنودهم، وشدة بطشهم، وعظم خلقهم وأجسامهم، فلم تغن عنهم أموالهم ولا أجسامهم ولا قواهم ولا جنودهم وأنصارهم عنهم من الله شيئًا؛ إذْ كانوا يجحدون بآيات الله، ويسعوْنَ في الأرض فسادًا، ويتّخذون عباد الله لأنفسهم خَوَلًا، وحاق بهم ما كانوا منه آمنين؛ نعوذ بالله من عمل يقَرِّب من سخطه، ونرغب إليه في التوفيق لما يدني من محبته، ويزلف إلى رحمته (١)! فلما ملك


= وأما الحافظ ابن حجر فقد قال رحمه الله أثناء شرحه للحديث: قوله (غزا نبي من الأنبياء) أي أراد الغزو، وهذا النبي هو يوشع بن نون كما رواه الحاكم من طريق كعب الأحبار وبين تسمية القرية كما سيأتي، وقد ورد أصله من طريق مرفوعة صحيحة أخرجها أحمد من طريق هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس" (فتح الباري ٦/ ٣٤٦ / ط الفكر).
قلنا: وقال القاضي عياض رحمه الله في شرح مسلم (ح ١٧٤٧ - غزا نبي من الأنبياء .. الحديث) وقال: إن الذي حبست عليه الشمس هو يوشع بن نون (إكمال المعلم ٦/ ٥٣) والله تعالى أعلم بالصواب.
(١) صحيح.

ذكر خبر داود - عليه السلام -
لقد أخرج الطبري روايات عدة في أخبار داود - عليه السلام - من (١/ ٤٧٦ - ١/ ٤٨٥) وجميعها بأسانيد ضعيفة جدًّا أو ضعيفة على الأقل ولم يصح في تفاصيل متونها بل أغلبها مستقاة من =

<<  <  ج: ص:  >  >>