ومَرْدانْشاه حتى أخذا بالطريق، وهم يروْن أنهم سيرفضّون ولا يشعرون بما جاء ذا الحاجب من فُرقة أهل فارس، فلما ارفضّ أهلُ فارس وخرج ذو الحاجب في آثارهم، وبلغ المثنى فَعْلة جَابان ومَرْدانشاه؛ استخلف على النَّاس عاصم بن عمرو، وخرج في جريدة خيل يريدهما، فظنَّا أنه هارب، فاعترضاه فأخذهما أسيريْن، وخرج أهل أليس على أصحابهما، فأتوْه بهم أسراء؛ وعقد لهم بها ذمَّة وقدّمهما، وقال: أنتما غررتما أميرنا، وكذبتماه واستفززتماه. فضرب أعناقهما، وضرب أعناق الأسَراء؛ ثمّ رجع إلى عسكره وهرب أبو مِحْجن من ألَّيس؛ ولم يرجع مع المثنَّى؛ وكان جرير بن عبد الله وحنظلة بن الربيع ونفر استاذنوا خالدًا من سُوَى، فأذن لهم، فقدموا على أبي بكر، فذكر له جريرٌ حاجته، فقال: أعلى حالنا! وأخَّره بها، فلما ولِّي عمر دعاه بالبيِّنة؛ فأقامها، فكتب له عمر إلى عُمَّاله السعاة في العرب كلّهم: مَن كان فيه أحدٌ يُنسب إلى بَجِيلة في الجاهليّة، وثبت عليه في الإسلام يُعْرف ذلك فأخرِجوه إلى جرير. ووعدهم جرير مكانًا بين العراق والمدينة. ولما أعطِيَ جرير حاجته في استخراج بجيلة من الناس فجمعهم فأخرِجوا له، وأمرهم بالموعد ما بين مكة والمدينة والعراق، فتتامّوا، قال لجرير: اخرج حتى تَلحق بالمثنَّى، فقال: بل الشأم، قال: بل العراق، فإن أهل الشام قد قووا على عدوّهم، فأبى حتى أكرهه؛ فلمَّا خرجوا له وأمرهم بالموعد عوَّضه لإكراهه واستصلاحًا له، فجعل له ربع خُمس ما أفاء الله عليهم في غَزاتهم هذه له ولمن اجتمع إليه، ولمن أخرج له إليه من القبائل، وقال: اتّخذونا طريقًا، فقدموا المدينة، ثم فصلوا منها إلى العراق ممدّين للمثنَّى، وبعث عصمة بن عبد الله من بني عبد بن الحارث الضَّبِّيّ فيمن تبعه من بني ضبَّة؛ وقد كان كتب إلى أهل الردّة، فلم يوافِ شعبانَ أحدٌ إلا رمى به المثنَّى (١)(٣: ٤٥٩/ ٤٦٠).
البُوَيْب
٢١٦ - كتب إليّ السريّ عن شُعيب، عن سَيْف، عن عطيَّة. وعن سفيان الأحمريّ، عن المجالد، عن الشعبيّ، قالا: قال عمر حين استجمّ جَمْعُ بجيلة: اتّخذونا طريقًا، فخرج سَرَوات بَجِيلة ووفدُهم نحوه، وخلَّفوا الجمهور،