دنا من أصحاب الفاسق؛ لإعادة شيء من ذلك في ليل أو نهار؛ فتحامى الفجرة الدنوَّ من الموضع، وأحجموا عنه، وألحّ الموكَلون بقلع هذه الحجارة بعد ذلك، حتى استتمّوا ما أرادوا، واتَّسع المسْلَك للشذا في دخول النهر والخروج منه.
* * *
[خبر انتقال صاحب الزنج إلى شرقيّ نهر أبي الخصيب]
وفي هذه السنة تحوَّل الفاسق من غربيّ نهر أبي الخصيب إلى شرقيّه وانقطعت عنه الميرة من كلّ وجهة.
* * *
ذكر الخبر عن حاله وحال أصحابه وما آل إليه أمرهم عند انتقاله من الجانب الغربيّ
ذُكر: أن الموفّق لما أخرب منازل صاحب الزَّنج وحرّقها، لجأ [أي: صاحب الزنج] إلى التحصّن في المنازل الواغلة في نهر أبي الخصيب، فنزل منزلًا كان لأحمد بن موسى المعروف بالقَلُوص، وجمع عيالَه وولده حوله هناك، ونقل أسواقه إلى السوق القريبة من الموضع الذي اعتصم به؛ وهي سوق كانت تعرف بسوق الحسين، وضعُف أمره ضعفًا شديدًا، وتبين للناس زوالُ أمره، فتهيّبُوا جلْب المِيرة إليه، فانقطعت عنه كلّ مادّة، فبلغ عنده الرَّطل من خبز البرّ عشرة دراهم، فأكلوا الشعير، ثم أكلوا أصناف الحبوب، ثم لم يزل الأمر بهم إلى أن كانوا يتبعون الناس؛ فإذا خلا أحدُهم بامرأة أو صبيّ أو رجل ذبحه وأكله، ثم صار قويّ الزَّنْج يَعْدو على ضعيفهم؛ فكان إذا خلا به ذبَحه وأكل لحمه؛ ثم أكلوا لحوم أولادهم، ثم كانوا ينبشون الموتى، فيبيعون أكفانَهم ويأكلون لحومهم، وكان لا يعاقب الخبيثُ أحدًا ممن فعل شيئًا من ذلك إلّا بالحبس، فإذا تطاول حبسُه أطلقه.
وذكر: أن الفاسق لما هُدِمت داره وأحرِقت، وانتُهب ما فيها، وأخرج طريدًا سليبًا من غربيّ نهر أبي الخصيب، تحوّل إلى شرقيّه، فرأى أبو أحمد أن يخرب عليه الجانب الشرقيّ لتصير حال الخبيث فيه كحاله في الغربيّ في الجلاء عنه،