إن الألقاب الرفيعة التي أُعْطِيت للطبري المؤرخ لم تكن عَبَثًا، فقد صنَّف أعظم كتب التاريخ على الإِطلاق، وقدّم للبشرية إنتاجًا ثَرًّا، وكتبًا قيمة، ومصنفات جليلة، ومجلدات كبيرة، مع ما بثَّه من أخبار تاريخية في سائر كتبه الأخرى.
أما الكتب التاريخية فله اثنان، الأول:"تاريخ الأمم والملوك"، والثاني:"ذَيل المذيَّل"، ونبدأ بتعريف الثاني لصغره، ثم نعود للكتاب الأول لأهميته.
(أولًا): ذَيل المُذَيَّل للطَّبَريّ:
وهو كتاب في تاريخ الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى عصر الطبري، ويشتمل على تاريخ من قُتل أو مات من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وتاريخ من عاشوا بعده من أصحابه وَرَوَوْا عنه على ترتيب الأقرب فالأقرب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو من قريش من القبائل، ثم ذكر الطبريّ تاريخ التابعين وتابعي التابعين من السَّلَف، ومن بَعدهم إلى أن بلغ شيوخه الذين سمع منهم.
وذكر الطبري أخبار هؤلاء، ومذاهبهم، وبيان الضعفاء من المحدِّثين، والدفاع عن ذوي الفضل منهم، ممن رُمي بمذهب هو بريء منه، أو اتُّهم برأي لم يقله، مثل الحَسَن البصْري وقتَادة وعِكْرِمة وغيرهم.
وذكر تاريخ النساء الصحابيات اللائي أسْلَمْنَ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن مات منهنَّ قبل الهجرة، ومن مِتْنَ بعدَها.