سرّحا به إلى رستم، وهو بكُوثَى، فقال له رستم: ما جَاء بكم؟ وماذا تطلبون؟ قال: جئنا نطلب موعود الله، قال: وما هو؟ قال: أرضكم وأبناؤكم ودماؤكم إن أبيتم أن تُسْلموا. قال رستم: فإن قُتلتم قبل ذلك؟ قال: في موعود الله أن من قُتِل منَّا قبل ذلك أدخله الجنة. وأنجز من بقي منّا ما قلت لك، فنحن على يقين. فقال رستم: قد وُضِعْنا إذًا في أيديكم! قال: ويحك يا رستم! إنّ أعمالكم وضعتْكم فأسلمكم الله بها؛ فلا يغرنَّك ما ترى حولَك، فإنك لست تُحإول الإنس؛ إنما تحاول القضاءَ والقدر! فاستشاط غضبًا، فأمر به فضرِبت عنقه، وخرج رستم من كُوثَى؛ حتى ينزل ببُرس، فغصب أصحابُه الناسَ أموالهم ووقعوا على النساء، وشربوا الخمور، فضجّ العلُوج إلى رستم، وشكَوْا إليه ما يلقوْن في أموالهم وأبنائهم، فقام فيهم، فقال: يا معشر أهل فارس! والله لقد صدَق العربيّ؛ والله ما أسلَمنا إلا أعمالنا، والله للعرب في هؤلاء وهم لهم ولنا حربٌ أحسنُ سيرةً منكم، إنّ الله كان ينصركم على العدوّ، ويمكّن لكم في البلاد بحُسن السيرة وكفِّ الظلم والوفاءِ بالعهود والإحسان؛ فأمَّا إذ تحوَّلتم عن ذلك إلى هذه الأعمال، فلا أرى الله إلا مغيّرًا ما بكم، وما أنا بآمنِ أن ينزع الله سلطانه منكم. وبعث الرجال، فلقطوا له بعض من يُشكى فأتِيَ بنفر، فضرب أعناقهم، ثم ركب ونادى في الناس بالرّحيل، فخرج ونزل بحيال دير الأعور، ثم انصبّ إلى الملطاط؛ فعسكر ممّا يلي الفرات بحيال أهلِ النَّجَف بحيال الخَوَرْنق إلى الغَرِيَّيْن، ودعا بأهل الحيرة، فأوعدهم وهمّ بهم، فقال له ابن بُقَيلة: لا تجمع علينا اثنتين: أن تعجز عن نُصرتنا، وتلومنا على الدفع عن أنفسنا وبلادنا. فسكت (١). (٣: ٥٠٧/ ٥٠٨).
[يوم أرماث]
١٢٥ - كتبَ إليّ السريُّ بن يحيى عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وزياد بإسنادهم، قالوا: قال رستم: إنَّما ضَغَا الثعلب حين مات الأسد - يذكرّهم موتَ كسرى - ثم قال لأصحابه: قد خشيتُ أن تكونَ هذه سنة القرود، ولما عَبر