رستم وحرب العرب اليوم؟ فخافه على الصّدق فكذبه، وكان رستم يعلَم نحوًا من علمه، فثقُل عليه مسيرُه لعلمه، وخفَّ على الملكِ لما غرّه منه، وقال: إنِّي أحبّ أن تخبرَنِي بشيء أراه أطمئنّ به إلى قولك، فقال الغلام لزُرنا الهنديّ: أخبِره، فقال: سَلْنِي، فسأله فقال: أيها الملك! يُقبل طائر فيقع على إيوانِك فيقع منه شيء في فيه هاهنا - وخطّ دارةً - فقال العبد: صدَق، والطائر غراب، والذي في فيه درهم، وبلغ جابان: أنّ الملك طلبه، فأقبل حتَّى دخل عليه، فسأله عمَّا قال غلامُه، فحسِب فقال: صدق ولم يُصب؛ هو عقعق، والذي في فيه درهم، فيقع منه على هذا المكان، وكذب زرنا، ينزو الدرهم فيستقرّ هاهنا - ودوّر دارة أخرى - فما قاموا حتَّى وقع على الشُّرفات عَقعق، فسقط منهُ الدرهم في الخط الأول، فنزا فاستقرّ في الخطّ الآخر، ونافر الهنديُّ جابان حيث خَطَّأه؛ فأتيا ببقرة نَتُوج؛ فقال الهنديُّ: سَخْلتها غرّاء سَوداء، فقال جابان: كذبْتَ، بل سوداء صبغاء، فنُحرت البقرة فاستُخرجت سخلتها، فإذا هي ذنَبها بين عينيها، فقال جابان: من هاهنا أتِيَ زرنا، وشجّعاه على إخراج رستم، فأمضاه، وكتب جابان إلى جُشْنَسْماه: إنّ أهل فارس قد زال أمرهم، وأدِيلَ عدوُّهم عليهم، وذهب مُلك المجوسيَّة، وأقبل مُلك العرب، وأديل دينهم؛ فاعتقد منهم الذمَّة، ولا تخلُبنَّك الأمور، والعجل العجل قبل أن تُؤخذ! فلمّا وقع الكتاب إليه خرج جشنسماه إليهم حتى أتى المعنَّى؛ وهو في خيل بالعَتيِق، وأرسله إلى سعد، فاعتقد منه على نفسه وأهل بيته ومَن استجاب له وردّه، وكان صاحبَ أخبارهم، وأهدى للمعنّى فالوذق، فقال لامرأته: ما هذا؟ فقالت: أظنّ البائسة امرأته أراغت العصيدةَ فأخطأتْها، فقال المعنَّى: بؤسًا لها (١). (٣: ٥٠٦/ ٥٠٧).
١٢٤ - كتب إليَّ السريُّ عن شعيب، عن سيف، عن النَّضْر بن السريّ، عن ابن الرُّفيل، عن أبيه، قال: لمَّا فصَل رستم، وأمر الجالنوس بالتقدّم إلى الحيرة؛ أمره أن يصيبَ له رجلًا من العَرب، فخرج هو والآزاذمرد سريَّةً في مئة؛ حتى انتهيا إلى القادسيَّة، فأصابا رجلًا دون قنطرة القادسيّة فاختطفاه، فنفر النَّاس فأعجزوهم إلّا ما أصاب المسلِمون في أخْرَياتهم. فلمَّا انتهيا إلى النَّجَف