للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر غزو الترك ومقتل خاقان]

وفيها لقي أسد خاقان صاحب الترك فقتله، وقتل بشرًا كثيرًا من أصحابه، وسلم أسد والمسلمون، وانصرفوا بغنائم كثيرة وسَبْي (١).

[ذكر الخبر عن هذه الغزوة]

ذكر عليّ بن محمد عن شيوخه؛ أنهم قالوا: كتب ابن السائجيّ إلى خاقان أبي مُزاحم - وإنما كني أبا مزاحم لأنه كان يزاحم العرب - وهو مُوالث (٢)، يعلمه دخول أسد الختَّل وتفرّق جنوده فيها؛ وأنه بحال مَضيعةٍ (٣). فلما أتاه كتابه أمر أصحابه بالجهاز - وكان الخاقان مرْج وجبل حمًى لا يقربهما أحد، ولا يتصيّد فيهما، يتركان للجهاد فضاء، ما كان في المرْج ثلاثة أيام، وما في الجبل ثلاثة أيام - فتجهّزوا وارتعوا ودبغوا مُسوك الصّيد؛ واتخذوا منها أوعية؛ واتخذوا القسيّ والنّشّاب، ودعا خاقان ببرذون مسرَج ملجَم، وأمر بشاة فقُطِعت ثم عُلّقت في المعاليق، ثم أخذ شيئًا من مِلْح فصيَره في كيس، وجعله في منطقته، وأمر كلّ تركيٍّ أن يفعل مثل ذلك، وقال: هذا زادكم حتى تلقوا العرب بالخُتَّلِ.

وأخذ طريق خُشوراغ؛ فلما أحسّ ابن السائجيّ أنّ خاقان قد أقبل بعث إلى أسد: أُخرج عن الختّل فإن خاقان قد أظلّك، فشتم رسولَه، ولم يصدّقه؛ فبعث صاحب الخُتّل: إنيّ لم أكذبك؛ وأنا الذي أعلمته دخولك؛ وتفرّق جندك، وأعلمته أنها فرْصة له، وسألته المدد، غير أنك أمعرت (٤) البلاد، وأصبت الغنائم؛ فإن لقيك على هذه الحال ظفِر بك؛ وعادتني العرب أبدًا ما بقيت، واستطال عليّ خاقان واشتدّت مؤونته؛ وامتنَّ عليّ بقوله: أخرجتُ العرب من بلادك، ورددت عليك ملكك؛ فعرف أسد أنه قد صَدَقه، فأمر بالأثقال أن تُقدّم، وولّى عليها إبراهيم بن عاصم العقيليّ الجَزريّ، الذي كان وليَ سجستان


(١) انظر البداية والنهاية (٧/ ١٩٩).
(٢) الولث: العهد. الضعيف. القاموس المحيط ص ٢٢٧.
(٣) المضيعة: الهوان. القاموس المحيط ص ٩٦٠.
(٤) أمعرت البلاد: أي سلبت ما فيها. القاموس المحيط ص ٦١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>