٤٨٤ - وفي هذه السنة -أعني سنة سبع عشرة- افتُتحت الجزيرة في رواية سيف. وأما ابن إسحاق؛ فإنه ذكر: أنها افتُتحت في سنة تسع عشرة من الهجرة، وذكر من سبب فتحها ما حدّثنا ابنُ حميد، قال: حدّثنا سلَمة عنه: أن عمر كتب إلى سعد بن أبي وقاص: إنّ الله قد فتح على المسلمين الشام، والعراق، فابعث من عندك جندًا إلى الجزيرة، وأمِّر عليهم أحد الثلاثة: خالدَ بن عُرْفطة، أو هاشمَ بن عتبة، أو عياضَ بن غَنْمِ. فلما انتهى إلى سعد كتابُ عمر؛ قال: ما أخّر أمير المؤمنين عياضَ بن غَنْم آخر القوم إلّا أنه له فيه هوىً أن أولِّيَه؛ وأنا موليه. فبعثه، وبعث معه جيشًا، وبعث أبا موسى الأشعرِي، وابنه عمر بن سعد -وهو غلام حدَث السنّ ليس إليه من الأمر شيء- وعثمان بن أبي العاص بن بشْر الثقفيّ، وذلك في سنة تسع عشرة. فخرج عياض إلى الجزيرة، فنزل بجنده على الرُّهاء، فصالحه أهلُها على الْجزية، وصالحت حرّان حين صالحت الرُّهاء، فصالحه أهلها على الجزية. ثمّ بعث أبا موسى الأشعريّ إلى نصيبين، ووجّه عمر بن سعد إلى رأس العين في خيل ردءًا للمسلمين، وسار بنفسه في بقيّة الناس إلى دارا، فنزل عليها؛ حتى افتتحها، فافتتح أبو موسى نَصِيبين، وذلك في سنة تسع عشرة. ثمّ وجه عثمان بن أبي العاص إلى أرمينية الرابعة، فكان عندها شيء من قتال؛ أصيب فيه صفوان بن المُعطَّل السُّلميّ شهيدًا. ثمّ صالح أهلها عثمان بن أبي العاص على الجِزْية، على كلّ أهل بيت دينار. ثم كان فتح قيساريّة من فلسطين، وهرب هرقل (١). (٤: ٥٣).
٤٨٥ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن عطية، عن أبي سيف التَّغلبيّ، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قد عاهد وَفْدَهم على ألّا يُنصِّروا وليدًا، فكان ذلك الشرط على الوفد وعلى من وفّدهم، ولم يكن على غيرهم، فلما كان زمان عمر؛ قال مسلموهم: لا تنفّروهم بالخراج فيذهبوا، ولكن أضعفوا عليهم الصدقة التي تأخذونها من أموالهم فيكون جزاء، فإنهم يغضبون من ذكْر الجِزاء