وكان سبب مقتله - فيما ذكر - أنّ عليّ بن جُديع وشيبان كانا مجتمعين على قتال نصر بن سيار لمخالفة شيبان نصرًا؛ لأنه من عمال مَرْوان بن محمد، وأنّ شيبان يرى رأي الخوارج ومخالفة عليّ بن جُديع نصرًا، لأنه يمان ونصر مضريّ، وأن نصرًا قتل أباه وصلبه، ولِمَا بَين الفريقين من العصبية التي كانت بين اليمانية والمُضرّية؛ فلما صالح عليّ بن الكرمانيّ أبا مسلم، وفارق شيبان، تنحَّى شيبان عن مَرْو، إذ علم أنه لا طاقة له بحرْب أبي مسلم وعليّ بن جُدَيع [مع اجتماعهما على] خلافه، وقد هرب نصر من مَرْو [وسار إلى سرخس].
[فذكر عليّ بن محمد أن أبا حفص] أخبره والحسن [بن رشيد وأبا الذيال أن المدة التي كانت بين أبي مسلم وبين شيبان] لما انقضت، أرسل أبو مسلم إلى شيبان يدعوه إلى البَيعة، فقال شيبان: أنا أدعوك إلى بيعتي؛ فأرسل إليه أبو مسلم: إن لم تدخل في أمرنا فارتحلْ عن منزلك الذي أنت فيه، فأرسل شيبان إلى ابن الكرمانيّ يستنصره، فأبى. فسار شيبان إلى سَرَخْس، واجتمع إليه جمع كثير من بَكْر بن وائل. فبعث إليه أبو مسلم تسعةً من الأزْد، فيهم المنتجع بن الزُّبير؛ يدعوه ويسأله أن يكفّ، فأرسل شيبان، فأخذ رسل أبي مسلم فسجنهم، فكتب أبو مسلم إلى بسام بن إبراهيم مولى بني ليث
= أتوضأ فخرج من باب له آخر فركب برذونًا وخرج وترك رسل أبي مسلم قعودًا وذلك بعد العصر فأرسلوا إلى أبي مسلم أنه قد هرب وهرب أصحابه يمينًا وشمالًا وسار أبو مسلم من ليلته حتى أتى موضع ثقل نصر بأقصى مرو فأخذ أهله وولده الصغار وهرب ولده الكبار فانتهى نصر إلى سرخس ... إلخ [تأريخ خليفة / ٤١٢] ثم أخرج خليفة بن خياط قال: فحدثني عمرو بن عبيدة قال حدثني قزعة مولى نصر بن سيار قال بعث أبو مسلم إلى نصر أن أجب فخرج نصر من باب له آخر حتى خرج من المدينة وأخذ سلم بن أحوز وكان على شرطة نصر فقتل [تأريخ خليفة / ٤١٣] فهذه روايات خليفة ومن بعده الطبري أصحّ ما في هذه المسألة التاريخية وبعضها يكمل بعضًا فتبدو لنا صورة انطلاقة الدعوة العباسية واضحة والله أعلم.