لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}، فدخل نصر منزله، وأعلمهم أنه ينتظر انصرافَ رسوله من عند أبي مسلم، فلما جنّه الليل، خرج من خَلْف حجرته، ومعه تميم ابنه والحكم بن نُميلة النميريّ وحاجبه وامرأته؛ فانطلقوا هُرّابًا، فلما استبطأه لاهز وأصحابه دخلوا منزلَه، فوجدوه قد هرب؛ فلما بلغ ذلك أبا مسلم سار إلى معسكر نصر، وأخذ ثقات أصحابه وصناديدهم فكتَفهم؛ وكان فيهم سَلْم بن أحوز صاحبُ شرْطة نصر والبختريّ كاتبه، وابنان له ويونس بن عبد ربّه ومحمد بن قطَن ومجاهد بن يحيى بن حُضين [والنضر بن إدريس ومنصور بن عمر بن أبي الحرقاء وعقيل بن معقل الليثيّ، وسيار بن عمر السلميّ، مع رجال من رؤساء مُضَر] فاستوثق منهم بالحديد، [ووكل بهم عيسى بن أعين]، وكانوا في الحبس عنده حتى أمر بقتلهم جميعًا، ونزل نصر سَرَخْس فيمن اتّبعه من المضريّة، وكانوا ثلاثة آلاف، ومضى أبو مسلم وعليّ بن جُديع في طلبه، فطلباه ليلتَهما حتى أصبحا في قرية تدعى نصرانيّة؛ فوجدا نصرًا قد خلف امرأته المَرْزُبَانة فيها، ونجا بنفسه.
ورجع أبو مسلم وعليّ بن جديع إلى مَرْو، فقال أبو مسلم من كان وجّه إلى نصر: ما الذي ارتاب به منكم؟ قالوا: لا ندري، قال: فهل تكلم أحد منكم؟ قالوا: لاهز تلا هذه الآية: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ} قال: هذا الذي دعاه إلى الهرب، ثم قال: يا لاهز؛ أتدغل في الدين! فضرب عنقه (١).
(١) هذه الرواية المطولة التي نسبها الطبري إلى بعضهم نؤيد في مقاطعها الرئيسة ما رواه المدائني عن شيخيه المفضل الضبي وزهير بن هنيد ولم نجد فيها نكارة أو مخالفة لما هو أصح منها (على ما نعلم) فهذه روايات الطبري في دخول أبي مسلم مدينة مرو وأما خليفة فهو يذكر الخبر مختصرًا عما عند الطبري وهو في سياقه العام يؤيد ما ذكره الطبري مع اختلاف يسير واختصار شديد قال خليفة ضمن حديثه عن وقائع سنة ١٣٠ هـ: فيها اصطلح نصر بن سيار وابن الكرماني على أن يقاتلوا أبا مسلم فإذا فرغوا نظروا في أمورهم فدس أبو مسلم إلى علي بن الكرماني أني معك فصالح ابن الكرماني وبايعه فساروا إلى نصر جميعًا وأرسل أبو مسلم إلى ابن الكرماني أن أنشب الحرب بينكما فاقتنلوا يومهم وليلتهم فأصبح أبو مسلم غاديًا عليهم من ورائهم فلما رأى ذلك نصر أرسل إلى أبي مسلم أني معك وأنا أحق بك من ابن الكرماني وأنا أبايعك فسار أبو مسلم في أكثر من عشرة آلاف حتى أتى الدار وأرسل أصحابه فضربوا وجوه الأزد وبني تميم فانصرفوا واصطلح الناس وأرسل أبو مسلم إلى نصر أن أجب فقال =