[ثم دخلت سنة ست وتسعين ذكر الأحداث التي كانت فيها]
قال عليّ: وكان الوليد صاحب البناء واتّخاذ المصانع والضّياع، وكان الناس يلتقون في زَمانه، فإنما يسأل بعضُهم بعضًا عن البناء والمَصانع، فولي سليمان، فكان صاحب نكاح وطعام، فكان الناس يَسأل بعضُهم بعضًا عن التزويج والجَوارِي، فلما ولي عمِرُ بن عبد العزيز كانوا يلتقون فيقول الرجل للرجل: ما ورْدك الليلة؟ وكم تحفظ من القرآن؟ ومتَى تَختِم؟ ومتى خَتَمْتَ؟ وما تَصومُ من الشهر؟ ورَثى جرير الوليدَ فقال:
يا عَين جُودِي بدمعٍ هاجَهُ الذِّكَرُ ... فما لدمعِكِ بَعْد اليوم مُدَّخَرُ
إنَّ الخليفةَ قد وارَتْ شَمائِلَهُ ... غبرَاءُ مُلحَدَةٌ في جُولِهَا زَوَرُ
أَضحى بَنُوه وقد جَلَّت مُصِيبَتُهُم ... مثل النّجوم هَوَى من بينِها القمَرُ
كانوا جميعًا فلَم يَدفع مِنِيَّتَهُ ... عبدُ العزيز ولا رَوحٌ ولا عمرُ
(٦/ ٤٩٧ - ٤٩٨).
حدّثني عمرُ، قال: حدّثنا عليّ، قال: حجّ الوليدُ بنُ عبد الملك، وحجّ محمد بنُ يوسفَ من اليمَن، وحَمَل هدايا للوليد، فقالت أمّ البنين للوليد: يا أميرَ المؤمنين، اجعَلْ لي هديّةَ محمد بن يوسف، فأمَرَ بصَرْفها إليها، فجاءت رسلُ أمّ البنين إلى محمّد فيها، فأبى وقال: يَنظُر إليها أميرُ المؤمنين فيَرَى رأيَه - وكانت هدايا كثيرةً - فقالت: يا أميرَ المؤمنين، إنك أمرتَ بهدايا محمد أن تُصرَف إليّ، ولا حاجةَ لي بها، قال: ولمَ؟ قالت: بلغَني أنه غَصبها الناسَ، وكلّفهم عملَها، وظَلمهم، وحَملَ محمد المتاعَ إلى الوليد، فقال: بلَغني أنك أصبْتَها غَصْبًا، قال: معاذَ الله! فأمر فاستُحلِف بينَ الرّكن والمقام خمسين يمينًا والله ما غَصَب شيئًا منها, ولا ظلَم أحدًا، ولا أصابَها إلا من طَيّب؛ فحلَف، فقبلَها الوليدُ وَدفَعها إلى أمّ البنين، فمات محمد بنُ يوسفَ باليمَن، أصابه داءٌ تَقطَّع منه. (٦/ ٤٩٨).
وفي هذه السنة كان الوليد أرادَ الشخوصَ إلى أخيه سليمان لخلعه، وأراد البَيْعةَ لابنه مِن بعدِه، وذلك قبلَ مَرْضتهِ التي مات فيها حدّثني عمر، قال: حدّثنا