ومما كان في هذه السنة تولية عبد الله بن عامر عبدَ الله بن خازم بن ظَبْيان خُراسان، وانصراف قيس بن الهيثم عنه، وكان السبب في ذلك - فيما ذكر أبو مِخْنف عن مقاتل بن حيّان -: أن ابنَ عامر استبطأ قيسَ بن الهيثم بالخراج، فأراد أن يَعزِله، فقال له ابن خازم: ولّني خُراسانَ فأكفيكَها وأكفيكَ قيسَ بن الهيثم. فكتب له عهدَه أو همَّ بذلك، فبلغ قيسًا أن ابن عامر وجَد عليه لاستخفافه به، وإمساكه عن الهديّة، وأنه قد ولّى ابن خازم، فخاف ابن خازم أن يشاغبه ويحاسبه، فترك خُراسان، وأقبل فازداد عليه ابن عامر غضبًا، وقال: ضيَّعت الثَّغْر! فضَرَبه وحَبسَه، وبعث رجلًا من بني يَشكُرَ على خُراسان (١). (٥: ٢٠٩).
قال أبو مخنف: بعث ابن عامر أسلم بن زُرْعة الكلابيّ حين عَزَل قيسَ بن الهيثم؛ قال عليّ بن محمد: أخبَرَنا أبو عبد الرحمن الثَّقفيّ، عن أشياخه، أنّ ابن عامر استعمل قيسَ بنَ الهثيم على خُراسان أيام معاوية، فقال له ابن خازم: إنك وجّهت إلى خُراسان رجلًا ضعيفًا، وإني أخاف إنْ لقيَ حربًا أن ينهزم بالناس، فَتهْلك خُراسان، وتَفتضح أخوالك. قال ابن عامر: فما الرأي؟ قال: تكتب لي عهدًا: إدن هو انصرف عن عدوّك؛ قمت مقامه. فكتب له، فجاشت جماعةٌ من طُخَارِستان، فشاور قيس بن الهيثم فأشارَ عليه ابن خازم أن ينصرفَ حتى يجتمعَ إليه أطرافه؛ فانصرف، فلما سار من مكانه مرحلةً أو مرحلتين أخرج ابنُ خازم عهدَه، وقام بأمر الناس، ولقي العدوّ فهزمهم، وبلغ الخبر المصرَيْن والشأم فغضب القيسيّة وقالوا: خدَع قيسًا وابن عامر؛ فأكثروا في ذلك حتى شكَوْا إلى معاوية، فبعث إليه فقَدِم، فاعتذر مما قيل فيه؛ فقال له معاوية: قم فاعتذر إلى الناس غدًا؛ فرجع ابن خازم إلى أصحابه فقال: إني قد أمرت بالخطبة، ولست بصاحب كلام، فاجلسوا حولَ المنبر، فإذا تكلّمت فصدّقوني، فقام من الغد، فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: إنما يتكلّف الخُطبة إمامٌ لا يجد منها بدًّا، أو أحمقُ يهمر من رأسه لا يبالي ما خرج منه، ولست بواحد منهما؛ وقد علم من