فقتلا التّرْجمان جميعًا بسِكِّينَهما؛ فأهلك الله كِسْرى، وجاء الخبرُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الحُدَيبِيَة، ففرح ومن معه.
وحُدِّثت عن هشام بن محمد: أنه قال: في سنة عشرين من مُلْك كِسْرى أَبَرْويز، بعث الله محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، وهاجر في سنة ثلاث وثلاثين من مُلْكِه إلى المدينة (١). (٢: ١٨٥/ ١٨٦ / ١٨٧).
ذكر الخبر عن الأسباب التي حدثت عند إرادة الله إزالة ملْك فارس عن أهل فارس
وَوَطِئتْها العربُ بما أكْرَمَهُم به بنبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم - من النبوّة والخلافة والمُلْك والسلطان في أيام كِسْرى أبَرْويز.
٨٤٩ - فمن ذلك ما روي عن وَهْب بن منبّه، وهو ما حدَّثنا به ابن حُمَيد، قال: حدَّثنا سلَمة عن محمد بن إسحاق، قال: كان من حديث كِسْرى كما حدَّثني بعضُ أصحابي عن وهب بن منبِّه: أنه كان سَكَر دِجلة العَوْراء، وأنْفقَ عليها في الأموال ما لا يُدْرَى ما هو، وكان طاقُ مَجْلسه قد بُنِيَ بنيانًا لم يُرَ مثله، وكان يعلَق تاجَه، فيجلس فيه إذا جلس للناس، وكان عنده ستون وثلاثمئة رجل من الحُزَاة - والحُزَاة: العلماء - من بين كاهِنٍ وساحرٍ ومنجِّم؛ قال: وكان فيهم رجل من العرب يقال له: السَّائب، يعتاف اعِتيَافَ العرب قلَّما يخطئ - بعث به إليه باذَانُ من اليمن - فكان كِسْرَى إذا حَزَبه أمر؛ جمع كهَّانه وسحَّاره ومنجِّميه، فقال: انظروا في هذا الأمر ما هو؟
فلمَّا أن بعث الله نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم -؛ أصبح كِسْرى ذات غَداةٍ وقد انقصَصَتْ طاقُ مُلْكه من وسَطها من غير ثقْل، وانخرفت عليه دِجْلة العوْراء، فلمَّا رأى ذلك؛ حزنه، وقال: انقصمت طاقُ ملْكي من ومحطها من غير ثقْل، وانخرقت عليَّ دجلة العوراء، "شاهْ بِشْكَسْت": يقول: المِلك انكسرَ، ثم دعا كُهّانه وسحّاره ومنجّميه، ودعا السَّائب معهم، فقال لهم: انقصَمَتْ طاقُ ملْكي من غير ثقل، وانخرقت عليَّ دجلة العوراء، "شاهْ بِشْكسْتْ" انظُرُوا في هذا الأمر ما هو؟ ! فخرجوا من عنْده فنظروا في أمْره، فأخِذ عليهم بأقطار السماء، وأظلمت عليهم