للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلافة الأمين]

وفي هذه السنة بويع لمحمد الأمين بن هارون بالخلافة في عسكر الرّشيد، وعبد الله بن هارون المأمون يومئذٍ بمَرْو، وكان - فيما ذكر - قد كتب حَمّويْه مولى المهديّ صاحب البريد بطوُسَ إلى أبي مسلم سلام، مولاه وخليفته ببغداد على البريد والأخبار، يعلمه وفاة الرشيد. فدخل على محمد فعزّاه وهنأه بالخلافة، وكان أوّل الناس فعل ذلك، ثم قدم عليه رجاء الخادم يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة، كان صالح بن الرشيد أرسله إليه بالخبر بذلك - وقيل: [أتاه الخبر بذلك]- ليلة الخميس للنصف من جمادى الآخرة، فأظهرَه يوم الجمعة، وستر خبره بقيّة يومه وليلته، وخاض الناس في أمره.

ولما قدم كتاب صالح على محمد الأمين مع رجاء الخادم بوفاة الرشيد - وكان نازلًا في قصره بالخلد - تحوَّل إلى قصر أبي جعفر بالمدينة، وأمر الناس بالحضور ليوم الجمعة، فحضروا وصلى بهم، فلما قضى صلاته صعِد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ونعَى الرشيدَ إلى الناس، وعزّى نفسه والناس، ووعدهم خيرًا، وبسط الآمال، وآمن الأسود والأبيض، وبايعه جِلّة أهل بيته وخاصّته ومواليه وقوّاده، ثم دخل. ووكّل ببيعته على مَنْ بقي منهم عمّ أبيه سليمان بن أبي جعفر، فبايعهم، وأمر السنديّ بمبايعة جميع الناس من القوّاد وسائر الجند، وأمر للجند ممّن بمدينة السلام برزق أربعة وعشرين شهرًا، وبخواصّ مَنْ كانت له خاصة بهذه الشهور (١).


(١) أما خليفة فقد ذكر أصل الخبر (بيعة المأمون) في تاريخه (٣٠٥) وأما الدينوري (أبو حنيفة) فقد أيّد خبر الطبري من أن الخبر وصل إلى الأمين يوم الخميس وبويع علنًا يوم الجمعة فقال: فأتت الخلافة محمدًا الأمين ببغداد يوم الخميس للنصف من جمادى الآخرة ونعاه للناس يوم =

<<  <  ج: ص:  >  >>