للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على شطّ دِجْلة دون قُطْرَبُّل، وأمر أهلَ بيته وقرابته وصحابته يومئذٍ بلبس السلاح، وخرج وهو لابس درعًا وقلنسُوة تحت البَيْضة سوداء لاطئة مضرّبة (١).

وفيها توفي عامر بن إسماعيل المسليّ، بمدينة السَّلام، فصلّى عليه المنصور، ودُفِن في مقابر بني هاشم.

[ثم دخلت سنة ثمان وخمسين ومائة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]

[ذكر الخبر عن تولية خالد بن برمك الموصل] (٢)

فممَّا كان فيها من ذلك توجيهُ المنصور ابنَه المهديّ إلى الرَّقة وأمرُه إياه بعزْل موسى بن كعب عن الموصِل وتولية يَحْيَى بن خالد بن بَرْمك عليها. وكان سببُ ذلك - فيما ذكر الحسن بن وهب بن سعيد عن صالح بن عطية - قال: كان المنصور قد ألزم خالدَ بن برمك ثلاثة آلاف ألف، ونذر دمَه فيها، وأجّله ثلاثة أيَّام بها، فقال خالد لابنه يَحْيَى: يابنيّ، إنِّي قد أوذيت وطُولبت بما ليس عندي، وإنَّما يراد بذلك دمِي؛ فانصرف إلى حرمتك وأهلِك، فما كنت فاعلًا بهم بعد موتي فافعله. ثم قال له: يا بنيّ، لا يمنعنّك ذلك من أن تلقى إخواننا، وأن تمر بعُمارة بن حمزة وصالح صاحب المصلَّى ومبارك التركيّ فتعلِمهم حالنا.

قال: فذكر صالح بن عطية أنّ يَحْيَى حدّثه، قال: أتيتهم فمنهم من تجهَّمني وبعث بالمال سرًّا إليّ، ومنهم مَنْ لم يأذن لي، وبعث بالمال في أثري. قال: واستأذنتُ على عمارة بن حمزة، فدخلت عليه وهو في صَحْن داره، مقابل بوجهه الحائط؛ فما انصرف إليّ بوجهه، فسلَّمت عليه، فردّ عليّ رَدًّا ضعيفًا، وقال: يا بُنيّ؛ كيف أبوك؟ قلت: بخير، يقرأ عليك السَّلام ويعلمك ما قد لزمه من هذا الغُرْم، ويستسلفك مائة ألف درهم. قال: فما ردّ عليّ قليلًا ولا كثيرًا، قال: فضاق بي موضعي، ومادتْ بي الأرضُ. قال: ثم كلَّمتُه فيما أتيته له. قال:


(١) انظر البداية والنهاية [٨/ ٦٧].
(٢) انظر البداية والنهاية [٨/ ٧٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>