للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إليه: جاءني كتابك وأنت نظيري ومثلي في قومك، لو أخطأتْك خَصْلة تجاهلت فضيلتي، وقد علمتَ أنِّي صاحبُ فتح هذه البلاد، وأستعدي عليك فلانًا وفلانًا وفلانًا -لوزرائه- فأقرئهم كتابي، ولينظروا فيما بيني وبينك فخرج الرسول على ما أمره به حتى أتى أرطبون فدفع إليه الكتاب بمشهد من النفر، فاقترأه، فضحكوا، وتعجّبوا، وأقبلوا على أرطبون، فقالوا: من أين علمتَ: أنه ليس بصاحبها؟ قال: صاحبها رجل اسمه "عمر" ثلاثة أحرف؛ فرجع الرّسول إلى عمرو فعرف أنه عمر.

وكتب إلى عمر يستمدّه، ويقول: إني أعالج حربًا كؤودًا صدومًا وَبلادًا ادُّخرت لك، فرأيَك. ولما كتب عمرو إلى عمر بذلك، عرف أنّ عمرًا لم يقل إلّا بعلم، فنادى في الناس، ثم خرج فيهم حتى نزل بالجابية. وجميع ما خرج عمر إلى الشام أربعَ مرّات، فأما الأولى فعلى فرَس، وأما الثانية فعلى بعير، وأما الثالثة فقصّر عنها: أن الطاعون مستعر، وأما الرابعة فدخلها على حمار. فاستخلف عليها، وخرج وقد كتب مخرجَه أوّلَ مرة إلى أمراء الأجناد أن يوافوه بالجابية -ليوم سقاه لهم في المجرّدة- وأن يستخلفوا على أعمالهم. فلقوه حيث رفعت لهم الجابية؛ فكان أوّل مَنْ لقيه يزيد، ثم أبو عبيدة، ثم خالد على الخيول، عليهم الدّيباج والحرير، فنزل وأخذ الحجارة، فرماهم بها، وقال: سَرْعَ ما لُفِتّم عن رأيكم! إيّايَ تستقبلون في هذا الزّي، وإنما شبعتم منذ سنتين! سَرْعَ ما ندّت بكم البِطْنة! وتالله لو فعلتموها على رأس المئتين لاستبدلت بكم غيركم، فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنها يلامقة، وإنّ علينا السلاح، قال: فنعم إذًا. وركب حتى دخل الجابية وعمرو، وشُرحْبِيل بأجْنَاديْن، لم يتحرّكا من مكانهما (١). (٣: ٦٠٥/ ٦٠٦/ ٦٠٧).

[ذكر فتح بيت المقدس]

٣٨٧ - وعن سالم بن عبد الله، قال: لما قدم عمر رحمه الله الجابيةَ؛ قال له


(١) ذكر الطبري في هذا الكلام بلا إسناد، وأغلب ظننا أنه تكملة للرواية التي قبلها وبالإسناد الذي أشرنا إلى ضعفه الشديد وقد تكرر ذكر أجنادين مرة أخرى فقد أشار الطبري سابقًا إلى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>