للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الخبر عن سبب تولية عمر بن عبد العزيز عبد الرحمن بن نعيم وعبد الرحمن بن عبد الله القشيريّ خُراسان

وكان سبب ذلك - فيما ذُكر لي - أنّ الجرّاح بن عبد الله لما شُكيَ، واستقدمه عمر بن عبد العزيز، فقدم عليه عزَله عن خراسان لما قد ذكرت قبل.

ثم إنّ عمر لما أراد استعمال عامل على خراسان، قال - فيما ذكر عليّ بن محمد عن خارجة بن مصعب الضبعيّ وعبد الله بن المبارك وغيرهما: ابغوني رجلًا صدوقًا أسأله عن خُراسان، فقيل له: أبو مجلز لاحق بن حميد. فكتب فيه، فقدم عليه - وكان رجلًا لا تأخذه العين - فدخل أبو مجلز على عمر في جفّة الناس فلم يُثْبتْهُ عمر وخرج مع الناس فسأل عنه فقيل:

دخل مع الناس ثم خرج، فدعا به عمر فقال: يا أبا مجلز، لم أعرفك، قال: فهلا أنكرتني إذ لم تعرفني! قال: أخبرني عن عبد الرحمن بن عبد الله،


= الكابلي [الطبري (٥٥٨: ٦)]. وهذا يعني أن هذه الحادثة من مناقب الجراح ثم عمر بن عبد العزيز ثم جوهرة من جواهر التاريخ الإسلامي والحمد لله أولًا وآخرًا.
هذا بالنسبة للجراح بن عبد الله، وأما بالنسبة لغير الجراح فقد حصلت حادثة أخرى مشابهة ولكن في الغرب الإسلامي وبالتحديد في مصر وذلك في عهد عمر بن عبد العزيز يوم أن كان الوالي من قبله هو حيان بن شريح فلعلّ بعض الأخباريين قد خلط بين الروايتين بينما حدثت إحداهما في أقصى الشرق في خراسان والأخرى في مصر في الغرب من العاصمة دمشق وكلا الروايتين من مفاخر التاريخ الإسلامي أما الأولى فقد ذكرناها وأما الثانية فقد أخرج ابن سعد قال: أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن: عن أبيه: أن حيان بن شريح عامل عمر بن عبد العزيز على مصر كتب إليه أن أهل الذمة قد أسرعوا في الإسلام وكسروا الجزية، فكتب إليه عمر أما بعد: فإن الله بعث محمدًا داعيًا ولم يبعثه جابيًا فإذا أتاك كتابي هذا فإن كان أهل الذمة أسرعوا في الإسلام وكسروا الجزية فاطو كتابك وأقبل. [الطبقات الكبرى (٥: ٣٨٤).
ورجال هذا الإسناد ثقات، وهذا من مناقب عمر بن عبد العزيز وهذه الرواية تدل على أن الأمويين لم يأخذوا الجزية أو لم يعيدوها على من أسلموا وإنما خطر على بال الوالي على مصر أن يفعل ذلك ولكن استأذن الخليفة العادل في ذلك فلم يأذن له. والحمد لله على نعمة الإسناد.

<<  <  ج: ص:  >  >>