وكان سبب مقتله أنّ عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر لما هزمه ابن ضُبارة مضى هاربًا نحو خراسان، وسلك إليها طريق كِرْمان، ومضى عامر بن ضُبارة في أثره لطلبه، وورد على يزيد بن عمر مقتلُ نباتة بن حنظلة بجُرجان؛ فذكر عليّ بن محمد أن أبا السريّ وأبا الحسن الجشميّ والحسن بن رشيد وجبلة بن فرّوخ وحفص بن شبيب أخبروه، قالوا: لما قُتل نباتة كتب ابنُ هبيرة إلى عامر بن ضُبارة وإلى ابنه داود بن يزيد بن عمر أن يسيرا إلى قَحْطبة - وكانا بكرْمان - فسارا في خمسين ألفًا حتى نزلوا أصبهان بمدينة جَيّ - وكان يقال لعسكر بن ضُبارة عسكر العساكر - فبعث قَحْطبة إليهم مقاتلًا وأبا حفص المهلبيّ وأبا حمَّاد المروزيّ مولى بني سُليم وموسى بن عَقِيل وأسلم بن حسان وذؤيب بن الأشعث وكُلثوم بن شبيب ومالك بن طريف والمخارق بن غفار والهيثم بن زياد، وعليهم جميعًا العَكيّ، فسار حتى نزل قمّ. وبلغ ابنَ ضُبارة نزول الحسن بأهل نَهاوَنْد، فأراد أن يأتيَهم مُعينًا لهم، وبلغ الخبر العَكيّ، فبعث إلى قحطبة يعلمه، فوجّه زهير بن محمد إلى قاشان، وخرج العكيّ من قمّ وخلف بها طريف بن غَيلان، فكتب إليه قحطبة يأمره أن يُقيم حتى يقدم عليه، وأن يرجع إلى قمّ، وأقبل قحطبة من الرّيّ، وبلغه طلائع العسكرين؛ فلما لحق قحطبة بمقاتل بن حكيم العكى ضمّ عسكر العكيّ إلى عسكره، وسار عامر بن ضُبارة إليهم وبينه وبين عسكر قَحْطبة فرسخ، فأقام أيامًا، ثم سار قَحْطبة إليهم، فالتقوْا وعلى ميمنة قَحطبة العكيّ ومعه خالدبن بَرْمك، وعلى ميسرته عبد الحميد بن ربعيّ ومعه مالك بن طريف - وقحطبة في عشرين ألفًا وابن ضبارة في مئة ألف، وقيل في خمسين ومئة ألف - فأمر قَحطبة بمصحف فنُصِب على رُمْح ثم نادى: يا أهل الشام، إنا ندعُوكم إلى ما في هذا المصحف، فشتموه وأفحشوا في القول، فأرسل إليهم قحطبة: احملوا عليهم، فحمل عليهم العكيّ، وتهايج الناس، فلم يكن بينهم كثير قتال حتى انهزم أهلُ الشام، وقُتِلوا