للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= مواقف الصحابة من البيعة والصراع بين ابن الزبير رضي الله عنه وبني أمية من جهة أخرى
ونذكر منهم: (عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن الحنفية، والحسين بن علي، وعبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين).
أما ابن عباس: فكان بادي الرأي ميالًا إلى بيعة ابن الزبير.
وأما ابن عمر: فقد بايع ليزيد بعد وفاة أبيه معاوية رضي الله عنه.
وأما ابن الحنفية: فقد امتنع عن البيعة لأحدٍ منهم.
وأما الحسين: فقد رفض البيعة ليزيد ومضى إلى ربه شهيدًا يشكو ظلم يزيد وولاته.
وأما ابن أبي بكر فرفضه واضح كما ذكرنا في الفصل السابق، وسنذكر تفاصيل أقوالهم.
١ - موقف عبد الله بن عمر في هذه المحنة التي مرت بها الأمة:
لم يكن عبد الله بن عمر يومًا ليشك في صلاح وورع عبد الله بن الزبير إلَّا أنه كان يرى في بيعة يزيد إخمادًا لنار الفتنة وإخراجًا للأمة من حالة الفوضى وقد ذكرنا رواية البخاري في صحيحه يوم أن رفض ابن الزبير بيعة يزيد فجمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ولده وحشمه وقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ينصب لكل غادر لواءٌ يوم القيامة) وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإني لا أعلم غدرًا أعظم من أن يبايع برجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال، وإني لا أعلم أحدًا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلَّا كانت الفيصل بيني وبينه". [صحيح البخاري (ح ٧١١١)].
وسنرجع مرة أخرى إلى رأي ابن عمر رضي الله عنهما في نهاية المطاف حين يمر بجسد عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما مصلوبًا فيقول قولته المشهورة: "والله لقد كنتَ ما علمتُ صوامًا قوامًا لأمة أنت أشرها أمة خير". وقال هذا مع اعتراضه على موقفه: "ألم أنهك عن هذا".
وخلاصة القول: فإن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر نهى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم عن الاستمرار في موقفه من بني أمية بعد وفاة يزيد، وذلك درءًا للفتنة والاقتتال بين المسلمين، ومن ثم إضعاف شوكتهم وقد حصل وكان أمر الله قدرًا مقدورًا.
٢ - موقف أبي سعيد الخدري وأبو برزة الأسلمي رضي الله عنهما: أخرج البخاري في صحيحه (ح ٧١١٢): عن أبي المنهال قال: لما كان ابن زياد ومروان بالشام، ووثب ابن الزبير بمكة، ووثب القراء بالبصرة، فانطلقت مع أبي إلى أبي برزة الأسلمي حتى دخلنا عليه في داره وهو جالس في ظل عُلّيَّه له من قصب، فجلسنا إليه فأنشأ أبي يستطعمه الحديث فقال: يا أبا برزة ألا ترى ما وقع فيه الناس؟ فأول شيء سمعته تكلم به: إني احتسبت عند الله أني أصبحت ساخطًا على أحياء قريش، إنكم يا معشر العرب كنتم على الحال الذي علمتم من الذلة والقلة والضلالة، وإن الله أنقذكم بالإسلام وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ بكم ما ترون =

<<  <  ج: ص:  >  >>