٣ - عبد الله بن عباس وموقفه من ابن الزبير رضي الله عنهم: كان ابن عباس رضي الله عنهما يرى أحقية عبد الله بن الزبير بالخلافة للمواهب والصفات التي رزقها وتحلى بها إلَّا أن الجفاء الذي أبداه ابن الزبير تجاه ابن عباس أثر في موقف ابن عباس فصار على الحياد وانضم إلى محمد بن الحنفية لا يبايع للذي بالشام ولا للذي بالحجاز. أخرج البخاري في صحيحه / كتاب التفسير: حدثني عبد الله بن محمد، قال: حدثني يحيى بن معين، حدثنا حجاج، قال ابن جريج: قال ابن أبي مليكة: وكان بينهما شيء فغدوت على ابن عباس فقلتُ: أتريد أن تقاتل ابن الزبير فتحل حرم الله؟ فقال: "معاذ الله إن الله كتب ابن الزبير وبني أمية محلين وإني والله لا أحله أبدًا قال: قال الناس: بايع لابن الزبير، فقلت: وأين بهذا الأمر عنه أمَّا أبوه فحواري النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد الزبير- وأما جده فصاحب الغار -يريد أبا بكر- وأما أمه فذات النطاق -يريد أسماء- وأما خالته فأم المؤمنين -يريد عائشة- وأما عمته فزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد خديجة- وأما عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - فجدته -يريد صفية- ثم عفيف في الإسلام قارئ للقرآن والله إن وصلوني وصلوني من قريب وإن ربوني ربوني أكفاء كرام فآثر عليَّ التويتات والأسامات والحميدات -يريد أبطنًا من بني أسد: بني تويت وبني أسامة وبني أسد- أن ابن أبي العاص برز يمشي القدمية، يعني عبد الملك بن مروان وإنه لوى ذنبه، يعني ابن الزبير". [صحيح البخاري (ح ٤٦٦٥)]. وأخرج البخاري: حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون، حدثنا عيسى بن يونس، عن عمر بن سعيد، قال: أخبرني ابن أبي مليكة: دخلت على ابن عباس فقال: "ألا تعجبون لابن الزبير قام في أمره هذا؟ " فقلت: لأحاسبن نفسي له ما حاسبتها لأبي بكر ولا لعمر ولهما كانا أولى بكل خير منه، وقلت: ابن عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن الزبير، وابن أبي بكر، وابن أخي خديجة، وابن أخت عائشة، فإذا هو يتعلى عني ولا يريد ذلك، فقلت: ما كنت أظن أني أعرض هذا من نفسي فيدعه، وما أراه يريد خيرًا، وإن كان لا بد لأن يربني بنو عمي أحب إليَّ من أن يربني غيرهم" [ح ٤٦٦٦]. وسنذكر طرفًا من شرح الحافظ ابن حجر لمفردات الروايتين: أما قول ابن عباس: [وأين بهذا الأمر] أي: الخلافة ليست ببعيدة عنه لماله من الشرف بأسلافه الذين ذكرهم ثم صفته التي أشار إليها بقوله: "عفيف في الإسلام قارئ للقرآن" وفي رواية ابن قتيبة من طريق محمد بن الحكم عن عوانة، ومن طريق يحيى بن سعد عن الأعمش قال: قال ابن عباس -لما قيل له: بايع لابن الزبير- "أين المذهب عن ابن الزبير". [فتح الباري (١/ ٢٥٥)]. "وإن ربوني" من التربية. "أكفاء" أي: أمثال. "كرام" أي: في أحسابهم وظاهر هذا أن مراد =