للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= في الحلال والحرام فيقول رحمه الله: الحكايات مظنة الكذب ومطية الهذر ولا بد من ردها إلى الأصول وعرضها على القواعد. المقدمة (١/ ٩).
والحمد لله الذي أغنانا عن تعاريف الفرنجة وغيرهم في التاريخ يقول العلامة ابن خلدون وهو يعرف التاريخ، إذ هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأُوَل تنمو فيها الأقوال وتضرب فيها الأمثال تطوف بها الأندية. (المقدمة ١/ ٣).
ولكن للتاريخ وجه آخر عند العلامة ابن خلدون إذ يقول: وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو كذلك أصيل في الحكمة عريق وجدير بأن يُعَدّ في علومها. (١/ ٣).
ثم يبين ابن خلدون كيفية إدخال الروايات المكذوبة في أمهات الكتب دون أن يشعر كثير من الناس يقول ابن خلدون:
وإن فحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها، وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهمّوا فيها وابتدعوا زخارف من الروايات المضعفة لفقوها ووضعوها، واقتفى تلك الآثار الكثير من بعدهم واتبعوها وأدوها إلينا كما سمعوها ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يراعوها ولا رفضوا ترهات الأحاديث ولا دفعوها فالتحقيق قليل وطرف التنقيح في الغالب كليل (المقدمة ١/ ٤).
ونحن بدورنا نحاول أن نستبعد هذه الروايات الباطلة وندافع عن عدالة الصحابة ونبرز الوجه المشرق للتاريخ الإسلامي ولا ندعي أننا سبقنا غيرنا في هذا الميدان (كما بينا سابقًا) بل نرجو أن نكون قد ضربنا ضربة المعول الأخيرة كي نجلّي وجه التاريخ الإسلامي المشرق. والحمد لله أولًا وآخرًا وعلى الله التوكل ومنه التوفيق.

يزيد بن معاوية (٦٠ - ٦٤ هـ)
قبل أن نناقش روايات الطبري ضمن أحداث هذه السنين نودّ أن نرجع إلى عهد أمير المؤمنين معاوية - رضي الله عنه - فالتاريخ الإسلامي عبارة عن حلقات مترابطة فيما بينها مؤثرة في بعضها البعض تباعًا.
ولقد لخص ابن كثير -رحمه الله تعالى- عقدين من الزمان من حكم الخليفة معاوية - رضي الله عنه - بكلمة وجيزة قيمة فقال -رحمه الله-: إلى وقت اصطلاحه مع الحسن بن علي كما تقدم فانعقدت الكلمة على معاوية وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين كما قدمنا فلم يزل مستقلًا بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض والمسلمون معه في راحة =

<<  <  ج: ص:  >  >>