٥٦٥ - وأما سيف بن عمر؛ فإنه قال: فيما كتب إليّ به السريّ عن شعيب، عنه، قال: كان فتح أذْرَبيجان سنة ثماني عشرة من الهجرة بعد فتح هَمَذان والرّيّ وجُرجان وبعد صلح إصبَهْبَذ طَبرِسْتان المسلمين. قال: وكلّ ذلك كان في سنة ثماني عشرة.
قال: فكان سبب فتح هَمَذان -فيما زعم-: أنّ محمدًا، والمهلب، وطلحة، وعمرًا، وسعيدًا أخبروه: أنّ النعمان لما صُرِف إلى الماهَيْن لاجتماع الأعاجم إلى نهاوند، وصُرِف إليه أهلُ الكوفة وافوْه مع حُذَيفة، ولما فصل أهلُ الكوفة من حُلوان، وأفضوْا إلى ماه؛ هَجموا على قلعة في مَرْج فيها مسلَحة، فاستزلوهم، وكان أوّل الفتح، وأنزلوا مكانهم خيلًا يمسكون بالقلعة، فسمَّوْا معسكرهم بالمرْج؛ مرْج القلعة، ثم ساروا من مَرْج القلعة نحو نهاوند؛ حتى إذا انتهوْا إلى قلْعة -فيها قوم خلَّفوا عليها النُّسيرَ بن ثور في عِجْل وحَنيفة؛ فنُسبت إليه؛ وافتتحها بعد فتح نهاوند ولم يشهد نهاوند عِجْليّ ولا حَنفيّ- أقاموا مع النُّسَير على القلعة، فلما جمعوا فيء نهاوند والقلاع؛ أشرِكوا فيها جميعًا؛ لأن بعضهم قوّى بعضًا. ثم وصفوا ما استقروا فيما بين مَرْج القلعة وبين نهاوند مما مرّوا به قبل ذلك فيما استقرُّوا من المرْج إليها بصفاتها، وازدحمت الرّكاب في ثَنيّة من ثنايا ماه، فسمّيت بالركاب، فقيل: ثنيّة الرِّكاب. وأتوْا على أخرى تدور طريقها بصخرة، فسمَّوْها ملْويّة، فدرست أسماؤها الأولى، وسمّيت بصفاتها، ومرُّوا بالجبل الطويل المشرِف على الجبال، فقال قائل منهم: كأنه سِنُّ سُمَيرة -وسُميرة امرأة من المهاجرات من بني معاوية، ضبيّة لها سنّ مشرفة على أسنانها، فسمّي ذلك الجبل بسنّها- وقد كان حذيفة أتبعَ الفالّةَ -فالّة نهاوند- نُعيمَ بن مقرّن والقعقاعَ بن عمرو، فبلغا هَمذان، فصالحهم خُسْرو شُنُوِم، فرجعا عنهم، ثم كفر بعدُ. فلمّا قدم عهدُه في العهود من عند عمر وَدّع حُذيفة وودّعه حُذيفة، هذا يريد هَمَذان، وهذا يريد الكوفة راجعًا. واستخلف على الماهيْن عمرَو بن بلال بن الحارث.