للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر الخبر عن أمره وأمرهم]

حدّثني غير واحد من أهل مصر، أنّ مراكب! أقبلت من بحر الروم من قِبَل الأندلس، فيها جماعة كبيرة أيام شغل الناس قِبَلهم بفتنة الجَرَوِيّ وابن السريّ، حتى أرسوا مراكبَهم بالإسكندرية، ورئيسهم يومئذ رجل يدعَى أبا حفص؛ فلم يزالوا بها مقيمين حتى قدم عبد الله بن طاهر مصر. قال لي يونس بن عبد الأعلى: قدم علينا منْ قبَل المشرق فتىً حدَث - يعني عبد الله بن طاهر - والدُّنيا عندنا مفتونة، قد غلب على كلّ ناحية من بلادنا غالب، والناس منهم في بلاء؛ فأصلح الدنيا، وأمَّن البريء، وأخاف السقيم؛ واستوسقتْ له الرّعية بالطاعة. ثم قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عبد الله بن لهيعة، قال: لا أدري رَفعُه إليّ قَبْلُ أم لا! فلم نجد فيما قرأنا من الكتب أن لله بالمشرق جندًا لم يَطغَ عليه أحدٌ من خلقه إِلّا بعثهم إليه، وانتقم بهم منه - أو كلامًا هذا معناه - فلما دخل عبد الله بن طاهر بن الحسين مصر، أرسل إلى مَنْ كان بها من الأندلسيّين، وإلى من كان انضوى إليهم، يؤذنهم بالحرب إن هم لم يدخلوا في الطاعة، فأخبروني أنهم أجابوه إلى الطاعة، وسألوه الأمان، على أن يرتحلوا من الإسكندرية إلى بعض أطراف الرّوم التي ليست من بلاد الإسلام، فأعطاهم الأمان على ذلك، وأنهم رحلوا عنها، فنزلوا جزيرة من جزائر البحر، يقال لها إقْرِيطش، فاستوطنوها وأقاموا بها، وفيها بقايا أولادهم إلى اليوم (١).

* * *

ذكر الخبر عن خروج أهل قمّ على السلطان

وفي هذه السنة خلع أهل قمّ السلطان ومنعوا الخراج.


(١) هذا هو الموضع الأول الذي بدأ به الطبري بتخريح رواية تاريخية عن شاهد عيان مباشرة فالطبري يروي هذه الحادثة عن الراوي يونس بن عبد الأعلى الصدفي وهو ثقة من رجال الصحيحين من صغار العاشرة وهو بدوره عاصر هذه الأحداث وشاهدها أي أن هذا إسناد صحيح أما النص الذي رواه عن ابن لهيعة فهو يشك في رفعها كما ورد أثناء الرواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>