كل نَطَّاحٍ مِنَ الدَّهـ ... ـرِ له يومٌ نَطوحُ
لَسْتَ بالباقي ولو ... عُمِّرْتَ ما عُمّرَ نوحُ
فَعَلى نفسِك نُحْ إن ... كنتَ لابُدَّ تَنُوحُ
وذكر صالح القارئ أنّ عليّ بن يقطين، قال: كنّا مع المهديّ بماسَبَذان فأصبح يومًا فقال: إنِّي أصبحت جائعًا، فأتِيَ بأرغفة ولحم بارد مطبوخ بالخل، فأكل منه ثم قال: إنِّي داخلٌ إلى البَهْو ونائم فيه، فلا تنبِّهوني حتَّى أكون أنا الذي أنتبه، ودخل البهو فنام، ونمنا نحن في الدار في الرِّواق، فانتبهنا ببكائه، فقمنا إليه مسرعين، فقال: أما رأيتم ما رأيت؟ قلنا: ما رأينا شيئًا، قال: وقف على الباب رجل، لو كان في ألف أو في مائة ألف رجل ما خفِيَ عليّ، فأنشد يقول:
كأَنِّي بهذا القَصْرِ قد بادَ آهِلُهْ ... وأَوحَش منه رَبْعُهُ ومنازلُهْ
وصار عميدُ القومِ مِنْ بعدِ بهجةٍ ... ومُلكٍ إلى قبر عليه جنادله
فلم يَبْقَ إِلا ذكرُهُ وحَديثُهُ ... تنادي عليه معْوِلاتٍ حلائلهْ
قال: فما أتت عليه عاشرة حتَّى مات.
* * *
ذكر الخبر عن الموضع الذي دفن فيه ومَنْ صلّى عليه
ذُكر أن المهديّ توفِّيَ بقرية من قرى ماسَبَذان، يقال لها الرُّذّ، وفي ذلك يقول بَكّار بن رَبَاح:
أَلَا رحمةُ الرحمنِ في كلِّ ساعَةٍ ... على رمَّةٍ رَمَّتْ بِماسَبَذانِ
لقد غَيَّبَ القبرُ الذي تمّ سُودَدا ... وَكَفَّينِ بالمعروفِ تَبْتَدِرانِ
وصلَّى عليه ابنُه هارون، ولم توجد له جنازة يُحمَل عليها، فحُمل على باب، ودفن تحت شجرة جَوْز كان يجلس تحتها.
وكان طويلًا مُضمّر الخلْق، جَعْدًا. واختُلف في لونه فقال بعضهم: كان أسمر، وقال بعضهم: كان أبيض.
وكان في عينه اليمنى - في قول بعضهم - نُكتة بياض. وقال بعضهم: كان ذلك بعينه اليسرى.