فكتب عمرُ بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرّحمن بن زيد بن الخطّاب عامل العِراق يأمره أن يدعوهم إلى العَمَل بكتاب الله وسنّة نبيّة - صلى الله عليه وسلم -، فلما أعذَر في دعائهم بعث إليهم عبدُ الحميد جيشًا فهزمتْهم الحرورّية، فبلغ عمر، فبعث إليهم مَسلَمة بن عبد الملك في جيش من أهل الشام جهّزهم من الرّقة، وكتب إلى عبد الحميد: قد بلغني ما فعلَ جيشك جيشُ السوء، وقد بعثتُ مَسلَمة بنَ عبد الملك، فخلِّ بينه وبينهم، فلقيهم مسلَمة في أهل الشام، فلم يَنْشَب أن أظهره الله عليهم. (٦/ ٥٥٥).
[خبر خروج شوذب الخارجي]
وذكر أبو عُبيدةَ مَعمَر بن المثنى أنّ الذي خرج على عبد الحميد بن عبد الرّحمن بالعراق في خلافة عمر بن عبد العزيز شَوْذَب - واسمه بِسطام من بني يَشكُر - فكان مُخرَجه بجوْخَى في ثمانين فارسًا أكثرُهم من ربيعة، فكتب عمرُ بن عبد العزيز إلى عبد الحميد؛ ألَّا تحرّكهم إلَّا أن يسفكوا دمًا، أو يُفسدوا في الأرض، فإن فعلوا فحُلْ بينهم وبين ذلك، وانظر رجلًا صَليبًا حازمًا فوجِّهْه إليهم، ووجّه معه جندًا، وأوصِه بما أمرتك به، فعقد عبدُ الحميد لمحمد بن جرير بن عبد الله البَجَليّ في ألفَيْن من أهل الكوفة، وأمره بما أمره به عمر، وكتب عمر إلى بِسْطام يدعوه ويسأله عن مُخرَجه، فقدم كتاب عمرَ عليه، وقد قدم عليه محمد بن جرير، فقام بإزائه لا يحرّكه ولا يهيّجه، فكان في كتاب عمر إليه: إنه بلغني أنك خرجتَ غضبا لله ولنبيه، ولستَ بأولى بذلك منّي، فهلمّ أناظرْك فإن كان الحقّ بأيدينا دخَلْتَ فيما دخل فيه الناس، وإن كان في يدك نظرْنا في أمرنا، فلم يحرّك بسطام شيئًا، وكتب إلى عمر: قد أنصفت، وقد بعثتُ إليك رجلين يُدارِسانك ويناظرانِك - قال أبو عُبيدة: أحد الرَّجلين اللذَين بعثهما شوذَب إلى عمر مَمْزوج مولَى بني شيبان، والآخر من صليبة بني يَشكُر - قال: فيقال: أرسل نَفرًا فيهم هذان، فأرسل إليهم عمر: أن اختاروا رجلين، فاختاروهما، فدخَلَا عليه فناظَراه، فقالا له: أخبِرْنا عن يزيد لِمَ تُقرّه خليفةً بعدَك؟ قال: صيَّره غيري؛ قالا: أفرأيت لو وَليت مالًا لغيرك ثُمَّ وكَلتَه إلى غير مأمون عليه، أتُراك كنتَ أدّيت الأمانة إلى من ائتمنَك! قال: فقال: أنظِراني