للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت بين هرثمة وأصحاب رافع فيها وقعة، فَتح فيها بخارى، وأسر أخا رافع بشير بن الليث، فبعث به إلى الرشيد وهو بطوس؛ فذُكِر عن ابن جامع المروزيِّ، عن أبيه، قال: كنت فيمن جاء إلى الرشيد بأخي رافع. قال: فدخل عليه وهو على سرير مرتفع عن الأرض بقدر عظم الذّراع، وعليه فرْش بقدر ذلك - أو قال أكثر - وفي يده مرآة ينظر إلى وجهه. قال: فسمعته يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون! ونظر إلى أخي رافع، فقال: أما الله يا بن اللَّخناء؛ إني لأرجو ألَّا يفوتني خامل - يريد رافعًا - كما لم تَفُتْنِي. فقال له: يا أمير المؤمنين، قد كنت لك حربًا، وقد أظفرك الله بي فافْعَلْ ما يحبُّ الله، أكن لك سلمًا؛ ولعل الله أن يلين لك قلب رافع إذا علم أنك قد مننت عليَّ! فغضب وقال: والله لو لم يبق من أَجَلي إلَّا أن أحرِّك شفتيَّ بكلمة لقلت: اقتلوه. ثم دعا بقصَّاب، فقال: لا تشحذ مُداك، اتركها على حالها، وفصِّل هذا الفاسق ابن الفاسق، وعجِّل؛ لا يحضرنَّ أجلي وعضوان من أعضائه في جسمه. ففصَّله حتى جعله أشلاء. فقال: عُدَّ أعضاءه، فعددت له أعضاءه، فإذا هي أربعة عشر عضوًا، فرفع يديه إلى السماء، فقال: اللهمَّ كما مكَّنْتَني من ثأرك وعدُّوك، فبلغت فيه رضاك، فمكِّني من أخيه. ثم أغْمِيَ عليه، وتفرَّق مَن حضره (١).

* * *

[[ذكر الخبر عن موت الرشيد]]

وفيها مات هارون الرشيد.

* ذكر الخبر عن سبب وفاته والموضع الذي توفِّيَ فيه (٢).

ذُكر عن جبريل بن بختيشوع أنه قال: كنت مع الرَّشيد بالرَّقة، وكنت أوَّل من يدخل عليه في كلِّ غداة، فأتعرَّف حاله في ليلته؛ فإن كان أنكر شيئًا وصفه، ثم ينبسط فيحدّثني بحديث جواريه وما عمل في مجلسه، ومقدار شربه، وساعات


(١) انظر: المنتظم [٩/ ٢١٦].
(٢) انظر تعليقنا [٨/ ٣٤٤/ ١].

<<  <  ج: ص:  >  >>