ويبدو: أنهما صححا الحديث لوجود ما يشهد لشطرين منه (الثاني والثالث) فأما الثاني (تقتلك الفئة الباغية) فقد أخرجه البخاري كما ذكرنا -وأما الشطر الثالث فقد أخرجه الحاكم (٣/ ٣٨٩) وفيه: اليوم نلقى حبيبنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عهد إليَّ (إن آخر زادك من الدنيا ضيح من لبن) وقال الحاكم: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وأخرجه أحمد (٤/ ٣١٩) وكذلك أخرج الحاكم (٣/ ٣٨٩) عن أبي البختري أن عمار بن ياسر أتي بشربة من لبن فضحك فقيل له: ما يضحكك؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: آخر شراب أشربه حتى أموت هذا. وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. إلا أن الشطر الأول من الحديث وفيه أن عمار يدور حيث دار الكتاب فلم نجد له متابعًا ولا شاهدًا إلا ما أخرجه الذهبي منقطعًا في (سير أعلام النبلاء ١/ ٤١٥) والله تعالى أعلم.
خاتمة المطاف فيما ورد من الروايات الصحيحة في وقعة الجمل ١ - سبق أن ذكرنا بيعة كل من الزبير وطلحة رضي الله عنهما للخليفة الراشد الرابع علي رضي الله عنه وذلك في فضل البيعة وإجماع الصحابة على بيعته في قسم الصحيح، وكذلك علمنا أن طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم كانوا يوصون الناس بالبيعة لعلي رضي الله عنه وسنعيد الرواية في ذلك هنا: أخرج الطبري (٤/ ٤٩٧) عن الأحنف بن قيس حديثًا طويلًا وفيه: فلقيت طلحة والزبير فقلت: من تأمراني، وترضيانه لي؟ فإني لا أرى هذا الرجل إلا مقتولًا، قالا: علي. قلت: أتأمراني به وترضيانه لي؟ قالا: نعم. فانطلقت حتى قدمت مكة فبينما نحن إذ أتانا قتل عثمان رضي الله عنه وبها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فلقيتها فقلت: من تأمريني أن أبايع، قالت: علي. قلت: تأمريني به، وترضينه لي؟ فقالت: نعم، فمررت على علي بالمدينة فبايعته ثم رجعت إلى أهلي بالبصرة ولا أرى الأمر إلا قد استقام، قال: فبينا أنا كذلك، إذ أتاني آتٍ فقال: هذه عائشة وطلحة والزبير قد نزلوا جانب الخريبة ... الرواية. وفيه كذلك: (فقلت: يا أم المؤمنين أنشدك بالله أقلت لك من تأمريني به؟ فقلت: عليّ! فقلت: أتأمريني به وترضينه لي؟ قلت: نعم. قالت: نعم ولكنه بدَّل. فقلت: يا زبير يا حواري =