[عزل بكير بن وشاح عن خراسان وولاية أمية بن عبد الله عليها]
وفي هذه السنة عزل عبدُ الملك بُكيرَ بن وشاح عن خُراسان، وولّاها أميةَ بن عبد الله بن خالد بن أسِيد.
* ذكر الخبر عن سبب عزل بُكَير وولايةِ أميّة:
وكانت ولايةُ بُكَير بن وِشاح خُراسان إلى حين قدم أمية عليها واليًا سنتين في قول أبي الحَسَن، وذلك أن ابن خازم قتِل سنة ثلاث وسبعين وقدم أميّة سنة أربع وسبعين.
وكان سبب عزل بُكير عن خُراسان أنّ بحِيرًا - فيما ذكَر عليٌّ عن المفضّل - حبَسهُ بُكير بن وشاح لما كان منه فيما ذكرت في رأس ابن خازم حين قتله، فلم يزل محبوسًا عنده حتى استعمل عبدُ الملك أميّة بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فلما بلغ ذلك بُكيرًا أرسل إلى بَحير ليصالحَه، فأبى عليه وقال: ظنّ بُكير أنّ خُراسان تبقى له في الجماعة! فمشت السفراء بينهم، فأبى بَحِير، فدخل عليه ضرار بن حصين الضَّبيّ، فقال: ألا أراك مائقًا! يُرسل إليك ابنُ عمِّك يَعتذِر إليك وأنت أسيرُه، والمَشَرفيّ في يده - ولو قتلك ما حَبَقتْ فيك عنز، ولا تَقبَل منه! ما أنت بموفَّق. اِقبَل الصّلح، واخرج وأنت على أمرك، فقبل مشورته، وصالح بُكَيرًا، فأرسل إليه بكير بأربعين ألفًا، وأخذ على بَحير ألّا يقاتله، وكانت تميم قد اختلفت بخُراسان، فصارت مُقاعس والبطونُ يتعصّبون له، فخاف أهلُ خُراسان أن تعود الحربُ وتَفسد البلاد، ويقهرهم عدوّهم من المشركين، فكتبوا إلى عبد الملك بن مَرْوان: إنّ خُراسان لا تصلح بعد الفتنة إلا على رجل من قريش لا يحسدونه ولا يتعصّبون عليه، فقال عبد الملك: خُراسان ثَغْر المَشرق، وقد كان به من الشرّ ما كان، وعليه هذا التميميّ، وقد تعصّب الناس وخافوا أن يصيروا إلى ما كانوا عليه، فيَهلك الثّغر ومَنْ فيه، وقد سألوا أنْ أولّيَ أمرَهم رجلًا من قريش فيسمعوا له ويطيعوا، فقال أميّة بن عبد الله: يا أمير المؤمنين، تداركهم برجل منك، قال: لولا انحيازُك عن أبي فُدَيك كنت ذلك الرجل، قال: يا أمير المؤمنين، والله ما انحزْتُ حتى لم أجدْ مُقاتلًا، وخذَلني الناس، فرأيت أنّ انْحيازي إلى فئة أفضل من تعريضي عصبةً بقيتْ من المسلمين