للهلكة، وقد علم ذلك مَرّار بن عبد الرحمن بن أبي بَكْرة، وكتبَ إليك خالدُ بن عبد الله بما بَلَغه من عُذْري - قال: وكان خالد كتب إليه بعذره، ويُخبره أنّ الناس قد خذلوه - فقال مرّار: صدق أميّة يا أمير المؤمنين، لقد صبر حتى لم يَجد مقاتَلًا، وخَذلَه الناس، فولّاه خُراسان، وكان عبدُ الملك يُحب أميّة، ويقول: نتيجتي، أي لِدَتي، فقال الناس: ما رأيْنا أحدًا عُوِّض من هزيمة ما عُوّض أمية فرّ من أبي فُدَيْك فاستُعْمل على خراسان، فقال رجل من بكر بن وائل في محبس بُكَير بن وشاح:
أَتَتْكَ العِيسُ تَنْفخُ في بُراها ... تُكشَّفُ عَنْ مَنَاكِبِها القُطوعُ
كأنَّ مواقعَ الأكوارِ منها ... حمامُ كَنائسٍ بُقْعٌ وُقوعُ
بأبيْضَ من أُميَّةَ مضرحِيٍّ ... كأنَّ جبينَهُ سَيْفٌ صنِيعُ
وبَحير يومئذ بالسِّنْج يَسأل عن مسير أميّة؛ فلما بلغه أنه قد قارب أبْرشَهْر قال لرجل من عجم أهل مرْوَ يقال له رُزَين - أو زرير: دُلّني على طريق قريب لألقَى الأميرَ قبل قدومه، ولك كذا وكذا، وأجزِل لك العطية؛ وكان عالمًا بالطريق، فخرج به فسار من السِّنج إلى أرض سَرَخْسَ في ليلة، ثمّ مضى به إلى نيسابورَ فوافَى أميّة حين قدم أبرَشَهْر، فلقيَه فأخبره عن خُراسان وما يُصلح أهلَها وتَحسُن به طاعتُهم ويخف على الوالي مؤونتهم، ورفع عن بُكَير أموالًا أصابها، وحَذّره غدرَه.
قال: وسار معه حتى قدم مَرْو، وكان أمية سيِّدًا كريمًا، فلم يَعرِض لبُكَير ولا لعماله، وعرض عليه أن يوليَه شُرطتَه، فأبى بُكَير، فولّاها بَحير بن وَرْقاء، فلام بُكيرًا رجالٌ من قومه، فقالوا: أبيتَ أن تلِي، فولَّى بَحيرًا وقد عرفتُ ما بينكما! قال: كنتُ أمس واليَ خُراسانَ تُحمَل الحِرابُ بين يديّ فأصير اليوم على الشرطة أحمل الحربة!
وقال أمية لبُكَير: اختَرْ ما شئت من عَمل خُراسانَ، قال: طُخارِسْتان، قال: هي لك، قال: فتجهزَ بُكَير وأنفَق مالًا كثيرًا، فقال بحِير لأمية: إنْ أتى بُكَير طَخارِسْتانَ خلعك، فلم يزل يحذّره حتى حذِر، فأمَره بالمُقام عندَه. (٦/ ١٩٩ - ٢٠١).