للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر الخبر عن غزوة مؤتة]

٢٩٧ - قال ابن إسحاق فيما حدَّثنا ابن حُميد، قال: حدَّثنا سلَمة عنه، قال: لما رجع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة من خَيبر؛ أقام بها شهرَي ربيع، ثم بعث في جمادى الأولى بَعثَه إلى الشام الذين أصيبوا بمؤتة (١). (٣: ٣٦).

ثم إن القوم تهيَّؤوا للخروج، فجاء عبد الله بن رواحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فودَّعه، ثم خرج القوم، وخرج رسول الله يشُيّعهم؛ حتى إذا ودَّعهم وانصرف عنهم، قال عبد الله بن رواحة:

خَلَفَ السَّلامُ على امْرِيءٍ ودَّعْتُهُ ... في النَّخْلِ خَيرَ مُشَيّعٍ وخَلِيلِ

ثم مضوا حتى نزلوا مُعان من أرض الشام؛ فبلغ الناسَ أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مئة ألف من الروم، وانضمّت إليه المستعربة من لَخْمٍ وجُذام وبلقَين وَبهْراء وبَلِيّ في مئة ألف منهم؛ عليهم رجلٌ من بَلِيّ، ثم أحد إرَاشة يقال له: مالك بن رافلة، فلمَّا بلغ ذلك المسلمين أقاموا على مُعان ليلتَين، ينظرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونخبره بعدد عدونا، فإما أن يُمِدَّنا برجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له فشجّع الناسَ عبدُ الله بن رواحة، وقال: يا قوم؛ والله إنَّ الذي تكرهون، لَلَّذي خرَجْتم تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوّة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلَّا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به؛ فانطلِقوا، فإنما هي إحدَى الحسْنَيَين؛ إما ظهور؛ وإمّا شهادة، فقال الناس: قد والله صَدَق ابنُ رواحة. فمضى الناس، فقال عبد الله بن رواحة في مَحبسهم ذلك:

جَلَبْنَا الخيلَ من آجامِ قُرْحٍ ... تغَرُّ مِنَ الحَشِيشِ لها العكُومُ

حذوناها من الصَّوَّان سِبتًا ... أزل كأن صفحته أديم

أقامت ليلتين على معان ... فأعقب بعد فترتها جموم

فرُحنا والجياد مسومات ... تَنفَّس في مناخرها السَّموم

فلا وأبى مآب لنأتينها ... ولو كانت بها عرب وروم

فعبأنا أعنَّتها فجاءت ... عوابسَ والغبارُ لها بريم


(١) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>