قال أبو جعفر: وفي هذه السنة قدمت الخشبيّة مكة، ووافوا الحج وأميرهم أبو عبد الله الجدليّ.
* ذكر الخبر عن سبب قدومهم مكة:
وكان السبب في ذلك - فيما ذكر هشام عن أبي مخنف وعلّي بن محمَّد، عن مَسْلمة بن محارب - أنّ عبد الله بن الزبير حبس محمَّد بن الحنفيَّة ومَن معه من أهل بيته وسبعة عشرَ رجلًا من وجوه أهل الكوفة بزَمزمَ، وكرِهوا البَيْعة لمن لم تجتمع عليه الأمَّة، وهربوا إلى الحَرم، وتوعَّدهم بالقَتْل والإحراق، وأعطى اللهَ عهدًا إن لم يبايعوا أن يُنفذ فيهم ما توعَّدهم به، وضرب لهم في ذلك أجَلًا، فأشار بعضُ من كان مع ابن الحنفيَّة عليه أن يبعث إلى المختار وإلى مَنْ بالكوفة رسولًا يعْلمهم حالَهم وحال من معهم، وما توعَّدهم به ابن الزبيرُ، فوجَّه ثلاثة نفر من أهل الكوفة حين نام الحرس على باب زمزم، وكتب معهم إلى المختار وأهل الكوفة يُعلِمهم حالَه وحالَ من معه، وما توعدهم به ابن الزبير من القتل والتحريق بالنار، ويسألهم ألّا يخذلوه كما خذلوا الحسين وأهل بَيته، فقَدِموا على المختار، فدَفَعوا إليه الكتَاب، فنادى في الناس وقرأ عليهم الكتاب وقال: هذا كتاب مهدّيكم وصريحُ أهل بيت نبيِّكم وقد تركوا محظورًا عليهم كما يحظر على الغنم ينتظرون القتل والتحريق بالنار في آناء اللَّيل وتارات النهار، ولستُ أبا إسحاق إن لم أنصرهم نصرًا مؤزَّرًا، وإن لم أسرِّب إليهم الخيل في أثر الخيل، كالسَّيل يتلُوه السيل، حتَّى يَحُلّ بابن الكاهليَّة الوَيْل.
ووجَّه أبا عبد الله الجدليّ في سبعين راكبًا من أهل القوّة، ووجَّه ظَبْيان ابن عمارة أخا بني تميم ومعه أربعمئة، وأبا المعتمر في مئة، وهانى بن قيس في مئة، وعُمَير بن طارق في أربعين، ويونسَ بن عمرن في أربعين، وكتب إلى محمد بن عليّ مع الطّفَيل بن عامر ومحمد بن قيس بتوجيه الجنود إليه، فخرج