للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول فيما خلق الله في كل يوم من الأيام الستة التي ذكر الله في كتابه أنه خلق فيهن السموات والأرض وما بينهما]

وقال آخرون: خلق الله عزَّ وجلَّ الأرض قبل السماء بأقواتها من غير أن يَدْحُوَها، ثم استوى إلى السماء فسواهنَّ سبع سموات، ثم دحا الأرض بعد ذلك.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني عليّ بن داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: قوله عزّ وجلّ حيث ذكر خلْق الأرض قبل السماء، ثم ذكر السماء قبل الأرض، وذلك أن الله خلق الأرض بأقواتها من غير أن يدحوَها قبل السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهنَّ سبع سموات، ثم دحا الأرضَ بعد ذلك، فذلك قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} (١). (١: ٤٨).

حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (٣٠) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (٣١) وَالْجِبَال أَرْسَاهَا (٣٢)}، يعني أنه خلق السموات والأرض، فلمّا فرغ من السماء قبل أن يخلق أقوات الأرض بثَّ أقوات الأرض فيها بعد خلق السماء؛ وأرسى الجبال -يعني بذلك دحوَها- ولم تكن تصلح أقواتُ الأرض ونباتُها إلا بالليل والنهار، فذلك قوله عزَّ وجلّ: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} ألم تسمع أنه قال: {أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا} (٢)؟ (٤٨: ١).

وغير مستحيل ما روينا في ذلك عن ابن عباس من القول، وهو أن يكون الله تعالى ذكره خلقَ الأرض ولم يدحُها، ثم خلَق السموات فسواهنَّ، ثم دحا الأرض بعد ذلك، فأخرج منها ماءها ومرعاها، والجبال أرساها، بل ذلك عندي هو الصواب من القول في ذلك؛ وذلك أن معنى الدَّحْو غيرُ معنى الخلق، وقد قال الله عزَّ وجلَّ: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (٢٧) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيلَهَا


(١) بين علي وابن عباس انقطاع إلا أن المتن يشهد له ما أخرجه البخاري كما سنذكر.
(٢) إسناده ضعيف إلا أن البخاري أخرج في صحيحه ما يؤيده كما سنذكر بعد الآتي.

<<  <  ج: ص:  >  >>